الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في ذكر من يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر]

صفحة 87 - الجزء 2

  قلنا: لا نسلم صحة ذلك عنها، ولو سلم فلعدم بلوغه مرتبة الاجتهاد، ولو سلم فلقد سبق الإجماع، ولو سلم فقولها ليس بحجة، ولو سلم فمعارض بما صح من انتصاب التابعين للفتيا، ورجوع الصحابة في بعض الحوادث إليهم، ولو سلم فلا يقاوم ما ذكرنا.

  (فإن نشأ) خلاف التابعي (بعد إجماعهم اعتبر) خلافه (عند مشترط انقراض العصر).

  بأن قيل: بيان فائدة اشتراطه هو أن عسى أن يبلغ أشخاص أخر في عصر المجمعين رتبة الاجتهاد فباعتبار موافقتهم ومخالفتهم تظهر حقيقة الإجماع وخلافه.

فصل: [في ذكر مَن يعتبر في الإجماع ومَن لا يعتبر]

  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء (والمعتبر) في انعقاد الإجماع:

  (إجماع أهل العصر فإن خالف من أهل العصر واحد واثنان فليس) قول من عدا المخالف (بإجماع)، لأن الدليل لم ينتهض إلاَّ في كل الأمة (خلافاً لابن جرير) الطبري (وبعض البغدادية)، وهو الخياط، وكذلك أبو بكر الرازي (والفقهاء): فإنهم زعموا أن خلاف الواحد والاثنين لا يخرمه.

  قالوا: أولاً: قال ÷ «عليكم بالسواد الأعظم»، وهو يدل على أن الصواب مع الأكثر، فإنَّه ÷ بعث على اتباعهم.

  قلنا: إنه خبر واحد فلا يجدي نفعاً في مسائل الأصول، ولو سلم فالمراد عدم الاعتداد بمن شذ من أهل الاجتهاد بعد الدخول عند الإنعقاد، ولو سلم فهو خطاب لأهل التقليد، وإلا كنا قد بعثنا على العقائد الفاسدة كالجبر والتشبيه، إذ أرباب الضلال هم الأكثر بدليل {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ١٠٣}⁣[يوسف: ١٠٢].

  قالوا: ثانياً: إن الصحابة قد صح عنهم الإنكار على من خالف ما عليه الأكثر، فهو الحق لما أنكروا، فاقتضى أن ذلك لا يحرمه وهو المطلوب.

  قلنا: إنما أنكروا على ابن عباس لمدرك آخر لا لمجرد مخالفة ما عليه الأكثر، فلا يتم المطلوب، ولذا فإن لكل واحد من الصحابة مسألة، ولو سلم فمعارض بعدم إنكارهم على ابن مسعود وغيره في المواريث وغيرها، كإجماع من عدا أبا موسى على أن النوم ينقض الوضوء، أو من عدا أبا طلحة على أن البرد يفطر.