الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب العاشر من أبواب الكتاب باب الاجماع

صفحة 89 - الجزء 2

  (ولا يعتبر) في انعقاد الإجماع (وفاق من سيوجد) من مجتهدي الأمة (خلافاً لمن يشترط) في انعقاد الإجماع (انقراض العصر)، فإنَّه يعتبر بخلاف من سيوجد قبل الانقراض.

  (وخلافاً لمن زعم أنه) أي الإجماع (إنما يكون حجة إذا كان قول جميع الأمة من وفاته ÷ إلى انقطاع التكليف) بخروج اشتراط الساعة، فهؤلاء لم يثبتوا الإجماع حتى ذلك الوقت.

  لنا: أنه يثبت كونه حجة يجب العمل عليها لدلالة تلك الأدلة المتقدمة، وفيما زعمه المخالف مخالفة لها وهدم ما يقروا إبطاله؛ لأنه يقتضي أن لا يعلم إجماع قط، فلا يكون حجة قط، فلا تكليف علينا في ذلك، وما اقتضى بطلان الصحيح فهو باطل، فيكون هذا القول باطلاً.

  قالوا: الأدلة لم تدل إلاَّ على أن إجماع جميع الأمة حجة، فيعتبر من سيوجد لأنه من الأمة، فلا تنعقد حجة إلاَّ بإجماعها من لدن وفاته صلى الله عليه إلى انقطاع التكليف.

  قولكم: إنه يقتضي إبطال حجته.

  قلنا: المتبع الدليل وهو يقضي بما ذكرنا، ولا يضرنا انتفاء كونه حجة، فإن حجته إنما تثبت بعد ما ذكرنا، فكيف يجعل الوجه في جلة لزوم عدم حجيته، هل هذا إلاَّ خلف.

  وقولكم: إذا لم تكن تلك الأدلة قاضية بالبعث على اتباع المجمعين وتحريم خلافه، ولا يتصور ذلك مع ما ذكرتم، فماذا تفيد.

  قلنا: ما أنكرتم أن تكون خرجت مخرج التعظيم والرفع من شأن هذه الأمة، فإن قولهم كلهم صواب أو فيهم مَن قوله صواب، لا للبعث على اتباع قولهم، وتحريم خلافه كما إذا ادعيتم، فثبت ما قلنا وهو المطلوب.

  قلنا: إن وجوب اتباع سبيل المؤمنين لا يتصور في جميع المؤمنين إلى يوم القيامة إذ لا تكليف حينئذ ولا اتباع، والذي تواتر معنى هو سلب الخطأ عن جميع الأمة لا جميعهم إلى يوم القيامة، والاتفاق على القطع بتخطئة المخالف إنما هو إجماع مجتهدي الأمة في عصر.

  قال الإمام الحسن: وقد يمنع ثبوت الاتفاق على القطع بذلك، ولو سلم فإنها تثمر الظن فقط، ويقال فيما قبله إنه محل النزاع.

  قال المهدي: وحجة المخالف هنا قوية جداً، ولا جواب عنها إلاَّ بما غايته الظن.