الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

جهاده:

صفحة 7 - الجزء 1

  وكان كلفاً بالعلم، كان إذا سافر فأوّل ما تضرب خيمة الكتب فإذا ضربت دخل إليها ونشر الكتب، والخدم يصلحون الخيام الأخرى، ولا يزال ليله جميعه ينظر في العلم، ويحرر ويقرر، مع سلامة ذوقه الذي ما يوجد له نظير.

  ولقد رأيته في بعض الأيام خارجاً إلى بعض المنتزهات بصعدة، فسمعت الرّهج وقعقعة المراجعة، مع حركة الخيل من محل بعيد، فوقفت لأنظر فخرج في نحو خمسة وثلاثين فارساً إلى منتزه بئر رطفات⁣(⁣١)، وهم يتراجعون في الطريق بالأبيات، ومنهم من ينشد صاحبه الشعر ويستنشده، وكان هذا دأبه، وكان مع هذه الجلالة يلاطف أصحابه وكتابه بالأدبيَّات والأشعار السحريَّات، فكلهم راوي من معين آدابه.

جهاده:

  لقد كان له مع العلم الغزير، الجهاد الشهير، فقد كانت له المواقف في نصرة الحق، وقيادة الجنود، فقد شارك الحسن والحسين ابني الإمام القاسم بن محمد في مصاولة الأتراك ودحرهم عن اليمن، في أيام الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم بن محمد، فكان أول اتصاله بالحسن بن الإمام القاسم أيام ولايته على صعدة ما بين سنة (١٠٣٢ هـ إلى ١٠٣٦ هـ)، فظهرت كفاءته، ومقدرته على نكاية العدو، ونهض مع الحسن من صعدة سنة (١٠٣٦ هـ)، لحصار صنعاء لما انتقض الصلح بين الإمام المؤيد بالله والأتراك العثمانيين، فكان الحسن والحسين في حدة، وكان هو في الجراف خارج صنعاء على أمر العساكر والقواد، يصبح العثمانيين ويمسيهم بشن الغارات، فكان من أبرز القواد والأمراء في تلك الحروب ضد العثمانيين حتى خرجوا من صنعاء.

  وفي سنة (١٠٣٩ هـ) جهزه الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم إلى أبي عريش عوناً ومدداً للمحاطِّ الإمامية، ففتح مدينة أبي عريش، وغزا حتى وصل إلى السراة، وكانت له في تلك النواحي غزوات مشهورة، وكان مؤيداً منصوراً أينما توجه، وولاه الإمام ولاية عظمى فعظم صيته.


(١) اسمه الان رطبات عند مسجد بركات قرب بئر الطحم، في جهة منطقة رحبان.