الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في حكم الإجماع في الأمور الدنيوية]

صفحة 95 - الجزء 2

  وقال (الشيخ) الحسن (وأبو رشيد) وهذا أيضاً قول ثالث للقاضي نص عليه القاضي: (إن استقر) الإجماع على أمر دنيوي بحيث لا يبقى منهم من لم يظهر من حاله ذلك كساكت يحتمل سكوته الرضى وعدمه (فحجة) يحرم مخالفته، (وإن لا) يستقر كذلك (فلا) يكون حجة.

  لنا: أن أدلة الإجماع منعت من الخلاف، ولم تفصل بين أن يكون ما اتفقوا فيه دينياً أو دنيوياً.

  وقد يقال: إن أريد إجماع المجتهدين وإن لم يكونوا ذوي خبرة ونظر في ذلك دون من عداهم وإن كانوا أرباب الخبرة والنظر فهذا خلف، وإن أريد العكس لزم حرمة مخالفة أهل كل صناعة، ولا قائل به، وإن أريد الجميع انتقض إخراج العوام من الديني لعدم علمهم بالمسألة وعدم تكليفهم.

  قالوا: إنه ÷ كان ينازع الرأي في الآراء والحروب، ولا ينكر على من نازعه في ذلك كما ينكر لو نازعه منازع في حكم شرعي، وحالهم لا يكون أبلغ من حاله، فيجوز مخالفتهم في ذلك فلا يكون حجة.

  قلنا: لم يكن ينازع مع الصرم بالرأي والبناء عليه، بل مع التردد واستحصال ما عند غيره في ذلك، ثم التعويل في الاستمالة عليه، والإختيار حينئذ إليه، سلمنا فالدليل الدال على وجوب اتباعه ليس فيه ما في الدليل على اتباع الأمة.

  بيان ذلك: أنه إنما بعث إلينا ليعرفنا المصالح الدينية، ولهذا فإنَّه لم ينهاهم عن تأبير النخل، والقطع بعد، قال: أنتم أعرف بأمور دنياكم، وأنا أعرف بأمور دينكم.

  احتج الشيخ وأبو رشيد: بأنه مهما لم يستقر فليس بحجة، فلا يجب اتباعه.

  قال المهدي: وذلك لازم في الدينية والدنيوية، ولا أظن أحداً يخالف في ذلك، ولا وجه لإفراده في هذه المسألة بمذهب.

  وقال (الحفيد): اعلم أن هذه مسألة مشوشة الوضع؛ لأن فيه فرض ما هو ديني أو دنيوي مما تناوله الإجماع بالتحليل أو التحريم، وهذا غلط بيِّن بل (كله ديني) لاعتلاقه بأحكام الشرع (فلا يصح قسمته إلى ديني ودينوي).

  (و) قول الحفيد (هو فاسد، إذ المراد بالدنيوي غير العبادات) الواجبات والمندوبات، (ون كان دينياً) بأن يكون فيه تكليف علينا كالمعاملات فإنها واجبة علينا وليس يطلق عليها أنها دينية، وتسمية ما هذا حاله دنيوياً لا يوجب التشويش.