الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]

صفحة 100 - الجزء 2

  وأنت خبير بأن وضع القيل في هذا الموضع خارج عن نمط الأحكام، إذ الكلام في ما إذا اتفق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول، والذي غره كلام صاحب الجوهرة، ولكنه لم يصدر الفصل بما صدره المؤلف في الفصل الأول، فإذا كان الأنسب طي هذا القيل وعدم الركون على إبقائه والتعويل؛ لأن مؤدي قول قائله في هذا المقام منع هذا الإجماع.

  لنا: على أن هذا إجماع ما تقدم في الجواز، والوقوع والخصم احتج بما تقدم، والجواب الجواب، إلاَّ أن كونه حجة فيما قبله أظهر من هذا؛ لأن هناك لا قول لغيرهم من مخالفهم، وقولهم بعد ظهور خطابه لم يبق معتبراً فهو اتفاق كل الأمة بخلاف هذه، فإنَّه إذا اعتبر من خالفهم من الموتى فهو بعض الأمة.

  (واستبعد ابن الحاجب وقوعه) فقال: والحق أنه بعيد، (إلاَّ عند شذوذ المخالف من أهل العصر الأول) وهذا تفسير منه لقول ابن الحاجب إلاَّ في القليل، وهو الذي اعتمده أكثر الشارحين.

  ومعناه: أن مثل هذا الاتفاق إنما يكون عن جلي أو قاطع، ويمتنع عادة غفلة الكثير عنه، بخلاف ما إذا كان المخالف قليلاً، فإنَّه حينئذ ليس مما غفل عنه الكثير.

  وعضد الدين فسره بالقليل من المسائل، فقال: يعني أنه وإن بعد فلا يمتنع مثله وقد وقع قليلاً، أمّا بعده فلأنه لا يكون إلاَّ على جلي، ويبعد غفلة المخالف عنه، وأما أنه قد وقع فكاختلاف الصحابة في بيع أمهات الأولاد، ثم أجمع من بعدهم على المنع منه.

  قال سعد الدين: وتفسيره هو من التمثيل ببيع أمهات الأول، ولكنه يعترض بمنع غفلة المخالف عن ذلك الجلي مطلقاً، بل إذا كان كثيراً، لا إذا كان المخالف قليلاً، إذ لا يمتنع في العادة إلاَّ غفلة الكثير عنه، وبأن في بعض الكثرة المعتبرة ما يشير إلى أنه وقع الاتفاق من الصحابة أيضاً على عدم جواز بيعهن.

تنبيه:

  قال الأسنوي: ومن ثمرات الخلاف في هذه المسألة تنفيذ قضاء من حكم بصحة بيع أم الولد، وسقوط الحد عن الوطء في نكاح المتعة، وأخبرني من أثق به أن قاضي المدينة أخبره أن بالمدينة مكاناً موقوفاً على نكاح المتعة، ومستحماً موقوفاً على اغتسال من جماعها.