الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب العاشر من أبواب الكتاب باب الاجماع

صفحة 108 - الجزء 2

  سواء هذا الخبر فلا بد من القطع على أنهم أجمعوا لأجله، إذ لا يجوز أن يجمعوا لا عن طريق كما قدمنا، فما هذا حاله (فهو المستند) للإجماع (اتفاقاً) بين العلماء.

  (و) الخبر الذي أجمعوا لأجله بأحد هذه الطرق (هو حينئذ قطعي في الأظهر) وهذه فرع قطعية المتلقى بالقبول، فمن قال بذلك قال بهذا، لأن الأمة إذا أجمعت على مقتضى خبر فهو متلقى بالقبول قطعاً.

  (وكذا إن انقطع النزاع أو التوقف بالقياس) أو عرف بالنظر بأنه المستند فإن ذلك القياس يصير مستند الإجماع قطعاً.

  (فإن لم يعلم أنهم أجمعوا لأجله) أي لأجل الخبر الآحادي، وذلك بأن لا يحصل أي تلك الوجوه، (فالمختار وفاقاً لأبي عبد الله وأبي الحسين أنه لا يقطع بذلك) أي بأنه مستند الإجماع، (خلافاً لأبي هاشم) فزعم أنه يقطع به.

  لنا: أنه يجوز أن يكون اعتمادهم على غيره من خبر أو قياس أو اجتهاد، ولم ينقل استغناءً بالإجماع، والقطع من ذلك على مراحل، ولعل أبا هاشم عبر به عن الظن، إذ لا يتصور من عاقل، والتجويز يمنع من القطع، ويقضى بالدفع له والرفع.

  قال الحاكم: ولا يلزم أن يقال مثل ذلك في المتواتر؛ لأن هناك لا يجوز العدول عنه إلى الاجتهاد، فلا يجوز أن يخفى عليهم.

  احتج أبو هاشم: بما قدمنا من جري العادة منهم برد ما لم تقم به الحجة، فلو لم تقم الحجة بهذا الخبر لنقل ردهم إياه، ولأنه لا بد في الإجماع من مستند ولم ينقل إلاَّ إياه، فوجب أن لا يعتقد سواه.

  قلنا: هذا احتجاج بنفس المتنازع فيه؛ لأنا نعتقد أن هذا لا يفيد إلاَّ الظن، وأنت تعتقد القطع.

  (وقال الحفيد) في الشرح: الأولى التوسط بين أبي هاشم وأبي عبد الله وسائر الشيوخ فنقول: (إن كان) الخبر الآحادي (من باب الاعتقاد) أي مما يكون التكليف به علماً، أو علماً وعملاً، (أو ما يترتب عليه) أي على الاعتقاد، وإن كان عملياً، وذلك (كالموالاة والمعاداة) فإنهما عمليان مترتبان على علمي، وهو التكفير والتفسيق، (علم أنهم أجمعوا لأجله) لأن الفرض في المسألة القطع، (وإن كان عملياً محضاً فلا قطع فيه، وفيه نظر) وذلك لأن باب الاعتقاد لا يسوغ فيه الاحتجاج بالآحاد، بل لا يحتج فيه إلاَّ بما يفيد العلم اليقين.