الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب العاشر من أبواب الكتاب باب الاجماع

صفحة 114 - الجزء 2

  قال في شرح المنهاج: الحديث موضوع لما بيناه في الطوالع، انتهى، سلمنا أن الحديث ليس بموضوع، فالمراد ما سبق، سلمنا خلافه، فهو معارض بما تقدم.

  (ولا) حجة في إجماع (أهل الحرمين) وهما مكة والمدينة (خلافاً لقوم)، فيهما، (و) خلافاً (لبعضهم في أهل مكة، و)، خلافاً (لمالك في أهل المدينة) النبوية على ساكنها أفضل السلام والتحية، فقال: إن إجماع أهلها حجة.

  لنا على الجميع: أنهم بعض الأمة، ولم يشملهم دليل الإجماع.

  القائلون بذلك في أهل الحرمين، قالوا: أما مكة فلأنها مهبط الوحي، وفيها بيت الله، ومطاف الملائكة، ومهاجر الرسل الأول، ومولد إسماعيل ومولد رسول الله صلى الله عليهم وعلى آلهم أجمعين، وكان فيها إكمال الدين وابتداء النبوة.

  قلنا: لا تأثير للبقعة في أهلها، وهل هذا إلاَّ كقولهم:

  أريها السهى وتريني القمر

  وأما المدينة: فلقوله ÷: «المدينة طيبة تخرج خبثها، كما يخرج الكير خبث الحديد»، والباطل خبيث فينفى عنها.

  قلنا: إنما يدل على فضلها لما علم من وجود الباطل والفسوق والمعاصي فيهما، ولا دلالة على انتفاء الخطأ عما اتفق عليه أهلها بخصوصه.

  (ولا) حجة في قول أهل (المصرين) وهما الكوفة والبصرة؛ لأنهم بعض للأمة، وقوله (على الأصح) أشار إلى خلاف قوم فيهما حكاه الآمدي، وقال قوم قول أهل الكوفة وحدهم حجة، وقال قوم: قول أهل البصرة وحدهم حجة، ولا أعلم للمخالف دليلاً، إلا تتبع الأهواء.

  (ولا) حجة أيضاً (في قول الإمام) الأعظم إذ لا دليل على ذلك، وإثبات ما لا دليل عليه باطل، وأيضاً فالمعلوم من حال أئمة أهل البيت عدم الاحتجاج بأقوالهم على مخالفيهم، فلو كان قول الإمام حجة لاحتجوا به، (خلافاً لأبي العباس) الحسني الهاروني (والإمامية) فزعموا أنه حجة.

  مستدلين: بأنه كما لا يجوز مخالفته فيما حكم به، لايجوز مخالفته فيما قاله.

  قلنا: قياس فاسد، إذ لا جامع بين الحكم وغيره، ولو لزم ذلك في الإمام للزم ذلك في الحاكم المنصوب للقضاء، إذ لا يجوز مخالفة حكمه.