الباب العاشر من أبواب الكتاب باب الاجماع
  وقيل: قولهم هذا بناء على اشتراط العصمة في الإمام.
  قال إمامنا المنصور بالله قدس الله روحه: ولا دليل عليها إلاَّ تقدير حصول المعصية لو لم يكن معصوماً.
  قلنا: ذلك حاصل في المعصوم، قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥].
  قالوا: امتنع وقوعها من المعصوم بخلاف غيره.
  قلنا: ما دام عدلاً فلا وقوع، وإن وقعت فكلو مات المعصوم.
  (ولا) حجة (في إجماع غير هذه الأمة) من الأمم الأوائل (على الأصح) من القولين، وذهب الاسفرائيني وغيره إلى أن إجماع المجتهدين من غير هذه الأمة قبل نسخ ملتهم حجة، وتوقف الآمدي.
  قلنا: الدليل لم يتناول إلاَّ هذه الأمة السعيدة بينها صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
  (ولا يشترط) في حجيته الإجماع أن يبلغ عدد المجتهدين (عدد) أهل (التواتر) بل يجوز أن يكونوا دونه؛ لأن دليل السمع يتناول إجماع الأقل من عدد التواتر بكونهم كل الأمة والمسلمين، (خلافاً للجويني وغيره) فزعموا أنه يشترط عدد التواتر بناء على الاستدلال بالعقل، وهو أن الجمع الكثير لا يتصور تواطؤهم على الخطأ، فلا بد لهم من القول بعدد التواتر لتصور الخطأ على من دون عدد التواتر، وليس المراد بعدد التواتر عدداً معيناً محصوراً، بل ما يحصل العلم الضروري عند إخبارهم بأمر مشاهد على ما سيجيء إن شاء الله.
  وإذا قلنا لا يشترط (فلو لم يبق) من المجتهدين (إلاَّ دون أقل الجمع) إما واحد أو اثنان (فالمختار أنه حجة قاطعة) بمضمون السمعي وهو أنه لا يخرج الحق عن أيدي الأمة، وإن لم يوجبه تصريحه لعدم صدق سبيل المؤمنين واجتماع الأمة عليه، وكما يمتنع مخالفه صريح الدليل يمتنع مخالفه مظنونه، (خلافاً للدواري) عبد الله بن حسن (والسبكي وغيرهما) من العلماء، إلاَّ أن قوله حينئذ لا يسمى إجماعاً لأن الإجماع يشعر بالإجتماع؛ ولأن الإجتماع وسبيل المؤمنين هو المنفي عنه الخطأ، وهو منتف ها هنا.
  قلنا: ينتقض بالاثنين لحصول الاجتماع فيهما.