فصل: [في حكم إحداث قول ثالث]
فصل: [في حكم إحداث قول ثالث]
  (وإذا اختلفت الأمة على قولين في مسألة أو مسألتين فصاعداً) كما يأتي مثاله، (ففي إحداث قول ثالث) مخالف للأولين (خلاف) بين العلماء، لكن أنت خبير بأن إطلاق الخلاف فيما إذا اختلفت الأمة على قولين في مسألتين لا يلائم ما ادعاه عضد الدين وغيره من ادعاء الإنفاق على جواز إحداث قول ثالث إذا لم يرفع القولين في المسألتين، وقد جرينا على ما جرى عليه عضد الدين عند ذكر الحجاج.
  إذا عرفت هذا ففي المسألة إطلاقان وتفصيل:
  وإلى الأول أشار بقوله: (فعند أئمتنا) منهم أبو طالب وأبو عبد الله الجرجاني (والجمهور) من العلماء: (لا يجوز مطلقاً) أي سواء كان الثالث رافعاً للقولين الأولين أو لا، (وهو) أي القول بعدم الجواز مطلقاً (أحد قولي المؤيد بالله).
  وإلى الثاني أشار بقوله: (وعند الظاهرية: يجوز مطلقاً وهو أحد قولي المؤيد بالله، و) هو (ظاهر كلام أبي العباس).
  وإلى التفصيل أشار بقوله: (وقال المنصور) بالله، (وأبو الحسين، والشيخ) الحسن، (والمتأخرون) وهو الحق: (إن رفع) القول الثالث (ما اتفقا عليه) في القولين الأولين (لم يجز)، وذلك (كحرمان الجد) من جميع المال، وذلك حيث يكون مع الأخوة، فإن الأمة اختلفت فيه على قولين، فقيل: إن الجد يسقط الأخ، قياساً على الأب، وقيل: يشاركهم، فالقول بحرمانه كما حكى ابن حزم عن بعضهم رافع لما اتفقا عليه.
  (و) مثل (تعميم نفي النية في الطهارات) فإن منهم من قال: تجب النية فيها أجمع، ومنهم من قال: تجب في التيمم فقط، فالقول بأنها غير واجبة فيها أجمع رافع لهذين القولين، (وإلا) يرفع القول الثالث القولين الأولين، بل أخذ من كل قول بطرف (جاز) ذلك، (كالعزل عن الزوجة المملوكة)، فإن الأمة اختلفت فيها على قولين:
  فبعض فيهم الإمام يحيى قال: يجوز العزل عن الزوجة حرة كانت أو أمة، وبعض فيهم القاسم بن علي العياني قالوا: لا يجوز العزل حرة كانت أو أمة، والمذهب: أنه يجوز له العزل عنها إذا