الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في حكم إحداث قول ثالث]

صفحة 117 - الجزء 2

  كانت أمَة، ولا يجوز العزل عنها إذا كانت حرة إلاَّ برضاها، فقولنا: أخذ من كل قولٍ بطرف غير رافع للقولين جميعاً.

  (وكفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة) وهي الجنون والجذام والبرص أعاذنا الله منها والعنة والجب من جهة الزوج، والثلاثة الأول والقرن والرتق من جانب الزوجة، فإنَّه قيل: يفسخ بها كلها، وقيل: لا يفسخ بشيء منها، فالفرق وهو القول بأنه يفسخ في البعض دون البعض قول ثالث غير رافع للأولين.

  لنا: أما أن الأول ممتنع: فلأنه إذا رفع مجمعاً عليه فقد خالف الإجماع، فلم يجز.

  وأمّا أن الثاني جائز: فلأنه لم يخالف إجماعاً، ولا مانع سواه، فجاز، ويوضحه مثال: وهو أنه لو قال بعضهم لا يقتل المسلم بالذمي، ولا يصح بيع الغائب. وقال الآخرون: يقتل ويصح، فلو جاء ثالث وقال: يقتل ولا يصح، أو لا يقتل ويصح، لم يكن ممتنعاً بالاتفاق؛ لأنهما مسألتان خالف في أحدهما بعضاً، وفي الآخر بعضاً، وإنما الممنوع مخالفة الكل فيما اتفق عليه المانعون مطلقاً.

  قالوا: اتفق الأولون على عدم التفصيل في العيوب الخمسة، والمحدث للقول الثالث مفصل، فقد خالف الإجماع فلا يجوز.

  قلنا: لا نسلم اتفاقهم على عدم التفصيل؛ لأن عدم القول بالتفصيل ليس قولاً بعدم التفصيل، وإنما يمتنع القول بما قالوا بنفيه لا بما لم يقولوا بثبوته، ولو امتنع لامتنع القول في كل واقعة تتجدد إذا لم يقولوا فيها بحكم، وتحقيق ذلك بمسألتي الذمي والغائب فإنهم لم يقولوا بالفصل، ومع ذلك فالفصل والقول بأحدهما دون الآخر جائز بالاتفاق، وإنما الخلاف فيما إذا اختلف على قولين في مسألة لا مسألتين.

  احتج المجيزون مطلقاً: بأن اختلافهم دليل على أن المسألة اجتهادية يسوغ فيها العمل بما يؤدي إليه الاجتهاد، فكيف يجعل مانعاً منه.

  قلنا: إنما قلنا فيه المنع هو ما اتفق على أمر يرفعه القول الثالث، وذلك لم يختلفوا فيه، فلا يكون اجتهادية.