فصل: [في إحداث دليل ثان أو تأويل أو علة]
فصل: [في إحداث دليل ثان أو تأويل أو علة]
  (وإذا استدلت الأمة بدليل) على حكم (أو عللت) حكم مسألة (بعلة، أو تأولت) ظاهر آية أو حديث (بتأويل، فإن نصت) الأمة (على منع خلاف ذلك) الدليل أو العلة أو التأويل الذي أتت به (لم يجز إحداثه)، لأن فيه مخالفة لهم، ولا شبهة في ذلك.
  (وإن نصت) الأمة (على جوازه) أي خلاف ذلك، إما (معيناً) كأن تستدل الأمة بدليل، وتقول: ويجوز أن يستدل بكذا، (أو منها) كأن تستدل بدليل، وتقول: ويجوز أن يستدل على المسألة بدليل غير هذا، (جاز) إحداث ذلك الدليل المنصوص عليه مطلقاً، إذ ليس في إحداثه مخالفة، وذلك جلي.
  (وإن لم تنص) على جوازه ولا منعه:
  (فعند أكثر أئمتنا والجمهور) من العلماء: (أنه يجوز) لمن بعدهم إحداث دليل وتأويل أو تعليل آخر.
  (وعند بعض المعتزلة والشافعية: لا يجوز) ذلك المتقدم.
  (وتوقف أبو الحسين في إحداث دليل أو تعليل) للتعارض (وكذا أبو عبد الله) البصري توقف فيهما، (ومنع هو وبعض أئمتنا) كأبي طالب والإمام مانكديم صاحب شرح الأصول الخمسة، والقاضي شمس الدين (وجمهور المتكلمين من إحداث تأويل)، فأما منع التعليل والدليل فقد عرفت توقف أبي الحسين وأبي عبد الله، والآخرون يجيزون ذلك.
  وقال (المنصور) بالله: (إن كان الدليل والتأويل من جهة النقل) سمعاً أو لغة (امتنع، لا من جهة النظر فجائز).
  لنا: أن ذلك قول بالاجتهاد، ولا مخالفة فيه للإجماع؛ لأن عدم القول ليس قولاً بالعدم، فكان جائزاً.
  وأيضاً لو لم يكن جائزاً لأنكر لما وقع، واللازم باطل، وذلك أن المتأخرين في كل عصر لم يزالوا يستخرجون الأدلة والتأويلات والتعليلات المغايرة لما تقدم سائغاً دائماً، ولم ينكر عليهم، وإلا لنقل، بل يمتدحون به ويعدون ذلك فضلاً.
  احتج المانعون: بأنه قد اتبع غير سبيل المؤمنين؛ لأن سبيل المؤمنين ما تقدم، وهذا غيره، فلا يجوز ثلاثة.
  قلنا: هو وإن كان ظاهراً فيما ذكرتموه فهو مؤول بأن المراد اتبع غير ما اتفقوا عليه لا ما لم يتعرضوا له.