الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في معارض الإجماع من الأدلة]

صفحة 129 - الجزء 2

فصل: [في معارض الإجماع من الأدلة]

  (ومعارضه) أي الإجماع (من الأدلة) الواردة (إن كان) ذلك المعارض (عقلياً لا يجوز تغييره) بالشرع بأن يكون مما قضى فيه العقل بقضيةٍ مبتوتةٍ، (وجب تأول الإجماع) بما يرده إلى العقل (إن أمكن) تأوله كذلك؛ لأنه الواجب علينا عند مخالفة الأدلة السمعية لما قضى فيه العقل بقضية مبتوتة.

  (وإلا) يمكن تأوله (قطع بكذبه على الأمة) إذ لو فرض صدقه مع مخالفته للدليل العقلي المذكور لكان خطأً قطعاً، والأمة لا تجتمع على الخطأ، (وإنما يتعذر ذلك) أي معارضة الإجماع للدليل العقلي (في ظنيِّه) أي في ظني الإجماع، أما القطعي فلأنا لو قدرنا المعارضة ولم يمكن تأويله لم يقطع بكذبه لكونه قطعياً فحينئذ يجزم فيه بالإستحالة.

  (وإن جاز تغيره) أي الدليل العقلي بأن يكون مما يقضى فيه العقل بقضية مشروطة (فالمعتبر الإجماع) دون الدليل العقلي، (قطعياً كان) الإجماع (أو ظنياً) إذ يكون الإجماع حينئذ ناقلاً لحكم العقل، ومثل الإجماع كل سمعي عارض ما يجوز تغيره.

  (وإن كان) الدليل المعارض للإجماع (شرعياً) كالكتاب والسنة والقياس، (فإن كانا) أي الإجماع والشرعي المعارض له (قطعيين):

  (فقال الحفيد وغيره) كالمهدي والإمام والبيضاوي والإمام الحسن وغيرهم: (يمتنع ذلك إذ لا تعارض بين القواطع) المتناقضة؛ لأن التعارض فرع على تقدير صحة مقتضى المتعارضين، وتقدير ذلك في الدليلين القطعيين محال.

  قالوا: (والنسخ) للإجماع أو به (متعذر) فلا يقال: إن أحد المتعارضين ناسخ للآخر فيصح تعارضهما؛ لأن ذلك إنما يتأتى في غير الإجماع كما سلف تقريره، (لأن الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به، والمختار) أن ذلك لا يمتنع بل يمكن، والواجب حينئذ (اعتبار الإجماع) فيعمل بمقتضاه (دونه) أي الدليل القاطع المعارض له، ولكن لا لأن الإجماع نفسه ناسخ، بل ذلك حملاً للأمة على السلامة بأن نقول: حكمنا بهذا (لأنهم لا يجمعون) على خلاف القاطع (إلاَّ وقد علموا نسخه) بدليل غير إجماعهم وإن لم ينقل إلينا ذلك الدليل، وهذا هو نص ابن الحاجب، ذكره في أول باب


= سنة (١١٤) هـ، وقبره بالبقيع جوار جدته الزهراء، وعمه الحسن، وأبيه زين العابدين، وولده الصادق.