الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في مراتب الإجماع]

صفحة 130 - الجزء 2

  القياس حيث قال: أجمعوا على تقديم الإجماع القاطع على القطعي، وهو مقتضى كلام أبي الحسين، ونص الفقيه قاسم، والقاضي عبد الله، والحفيد في الشرح، والفقيه علي بن خليفة يشير كلامه إليه.

  (وإن كانا) أي الإجماع ومعارضه (ظنيين) جميعاً (فإن أمكن تخصيص المعارض بالإجماع) بأن يكون المعارض عاماً، والإجماع خاصاً، (خصص به) أي بالإجماع، لأن في ذلك جمعاً بين الدليل، (لا عكسه) وهو حيث يكون الإجماع الأعم والدليل السمعي الأخص، فلا يجوز لما ستعرفه إن شاء الله تعالى.

  (وكذا) الحكم (في المعارض القطعي) في أنه كالظني إن أمكن تخصيصه بالإجماع خص به، لأنه يجوز تخصيص القطعي بالظني كما سلف، وإنما يتعذر العكس، (لأن الإجماع لا يقبل تخصيصاً) لأن الإجماع بعد النبي ÷ نشأ وظهر، والتخصيص إنما هو في مدته.

  (وإن لم يمكن) تخصيص المعارض والإجماع (فالوقف حتى يظهر مرجح، أو الإطراح، أو التخيير كما تقدم) تحقيقه (في النسخ).

  (وإن كان أحدهما قطعياً والآخر ظنياً فالمعتبر القطعي) قطعاً عند عدم إمكان التخصيص، وذلك لانتفاء الظن عند حصول القطع.

  (وإذا تعارضت رواية الإجماع و) رواية (الخلاف في شيء حملتا) أي الروايتان جميعاً (على الصدق إن أمكن) وذلك بأن يكون لذلك الشيء جهتان فيكون الإجماع باعتبار أحدهما والخلاف باعتبار الأخرى، (وإلا) يمكن حملهما على الصدق (فرواية الخلاف أولى) بالقبول من رواية الإجماع.

  قلت: وإنما كان أولى؛ لأن الأصل عدم الخلاف ناقل، وهو يرجح الناقل على غيره، وقد عكس بعض الناس فقال ترجح المنفية، وهو خلاف مذهب المصنف، وزعم أن الإجماع ناقل، وأن الخلاف مبق، فعكس في الشيئين.

فصل: [في مراتب الإجماع]

  (ومراتبه) في القوة (سبع):

  الأولى: (ما جرى عليه السلف والخلف، ولم يعلم فيه خلاف، وهو عزيز لا يوجد إلاَّ فيما علم من ضرورة الدين، كأصول الشرائع) وما يجري مجراها كما تقدم، (وإنما لم يحتج إليه فيه لحصول ما هو أقوى منه) وهو كونه معلوماً من ضرورة الدين، وظاهر كلام علمائنا أن ما علم من ضرورة الدين لم يستدل على جملته بالإجماع ولا غيره، وإن استدل على تفاصيله لأنها ظنية،