الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الحادي عشر من أبواب الكتاب: باب الأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وما يجري مجراها من التروك والتقريرات

صفحة 144 - الجزء 2

  (والأظهر أن التأسي قد يكون في القول) كما يكون في الفعل والترك (وعلى هذا) الذي ذكر (فلا فرق بينه) أي التأسي (وبين الإتباع) بوجه من الوجوه بل هما كالإنسان والناطق.

  قال الأسنوي: وهذا الذي في المحصول والإحكام، انتهى.

  وهذا كالتأسي به ÷ في قصر الخطبة وطول الصلاة⁣(⁣١).

  (والموافقة) مُفاعلة مصدر فاعل كقابل مقابلة، وهي في أصل الوضع عبارة عن المصادقة، وهي أمر إضافي لا يفعل إلاَّ بين أمرين كالمخالفة والمماثلة، ولا تستعمل إلاَّ مضافةً؛ لأن الموافقة لا تكون إلاَّ في أمر يقع الاتفاق عليه، وقد أشار إلى ذلك أبو الحسين، وأنه لا يتصور استعماله مطلقاً، وإذا ثبت أنها لا تستعمل إلاَّ مضافة فقد تضاف إلى الأقوال والأفعال.

  فالموافقة (في القول: أن يقول) الموافق (كقوله) أي الموافق، (وإن لم يكن) قوله (لأنه قال) هذا، إذ يقال: وافق زيد عمراً في القول بالعدل، وإن كان قاله لدلالة فقط لا لأنه قال به عمرو، فهي حينئذ المشاركة فيما قيل أن الموافقة حصلت فيه، فإذا قيل: وافق فلان فلاناً في أن الله تعالى يرى جاز أن يكون أحدهما قائلاً أن الله سبحانه يرى بهذه الحاسة، والآخر قائلاً أنه يرى بحاسة سادسة، وإذا قيل وافقه في أن الله يرى بهذه الحاسة أفاد اشتراكهما في القول بالرؤية على هذا الحد.

  (و) الموافقة (في الفعل: أن يفعل) الموافق (كفعله) أي الموافق، (وإن لم يكن) فعله (لأنه فعل) ذلك الفعل؛ لأن الموافقة هي المصادقة والمشاركة، وقد يكون كذلك إذا فعل الفاعل الفعل؛ لأن الأول فعله، وإذا لم يفعله لذلك لأنه يقال: قد وافقه في الفعل، وإن كان إنما فعله لدليل، فإذا هي مشاركة في صورته ووجهه، لأن من صلى لا يكون موافقاً لمن صام، ومن يتنفل بالصلاة لا يكون موافقاً لمن افترضها، فأما إذا قيدت الموافقة بأن يقال: وافق زيد عمراً في صورة الفعل فإنَّه لا يفيد اتفاقهما في الوجه.

  (و) الموافقة (في الترك: أن يترك) الموافق (كتركه وإن لم يكن) تركه (لأنه ترك ذلك) الفعل لما سبق، وبهذه القيود تفارق الأتباع.

  (والمخالفة) في اللغة: تطلق على من لم يفعل ما دعي إليه، سواء كان الدعاء سؤال أو ندب أو إيجاب.


(١) لكن يقال: من شرط التأسي الإتحاد في الوجه، وذلك غير شرط في الإتباع، فيكون الإتباع أعم مطلقاً. تمت من هامش النسخة (أ).