(فصل): [أقسام الأفعال الصادرة من النبي ÷]
  (و) إذا عرفت هذا، فاعلم أن (الأمة مثله فيه) أي فيما وضح أنه بيان لمجمل قطعاً، للإجماع على كون المبين دليلاً شرعياً.
  (وأما ما تردد) من فعله ÷ (بين الجبلي والشرعي كالزكاة والحج) ففيه قولان ناشيان من القولين في تعارض الأصل والظاهر، فيحتمل أن يلحق بالجبلي لأن الأصل عدم التشريع، (فلا تأسي فيه)، ويحتمل أن يلحق بالشرعي لأن النبي ÷ بعث لتعليم الشرائع فيستحب لنا.
  (و) القسم (الرابع: ما علم وجهه) الذي وقع عليه (من وجوب، أو ندب، أو إباحة، و) علم أيضاً أنه (ليس مختصاً به، وهو محل الخلاف المتقدم) هل يتأسى به على الإطلاق، أو فيما دل عليه دليل، أو في العبادات دون غيرها.
  (و) القسم (الخامس: ما لم يعلم وجهه) بالنسبة إليه، وإنما هو فعل مجرد، (عبادة كان) ذلك الفعل (أو غيرها، واختلف فيه) بالنسبة إلينا:
  (فعند المنصور بالله، وبعض المعتزلة، وبعض الشافعية)، كابن سريج، وأبي سعيد الإصطخري، وأبي علي بن خيران، (و) بعض (الحنابلة: أنه واجب في حقنا) فيلزمنا إيقاع التأسي، والتأسي به ÷ فيه ما في حقه، فيحتمل الثالثة.
  وقال (الشافعي، والجويني:) إنه (مندوب).
  وقال (بعض علمائنا، و) روي عن (مالك) في المنهاج والمحصول، وحكاه الفقيه يوسف: إنه (مباح) والرواية المشهورة عنه الوجوب، وهو رواية الجوهرة والقرافي(١) وغيرهما عنه.
  (وقيل: محظور) في حقنا التأسي به، رواها الغزالي عن بعض الأصوليين.
  قال القاضي فخر الدين: وهذا القول مقتضى كلام المتكلمين، إذ عندهم أن الصغائر جائزة عليه ÷، ولا يشترطون كون فعلها خفياً.
  (ومختار أكثر أئمتنا، والجمهور) من المعتزلة، والأشعرية كالصيرفي، والغزالي، والرازي: (الوقف)، فلا يدل على حكم في حقنا، (ومن ثمة) أي ومن جهة أن مختارهم الوقف فيما لم
(١) هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، شهاب الدين الصنهاجي، القرافي، من علماء المالكية، توفي سنة (٦٨٤) هـ، له شرح تنقيح الفصول في الأصول وغيره.