الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الحادي عشر من أبواب الكتاب: باب الأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وما يجري مجراها من التروك والتقريرات

صفحة 151 - الجزء 2

  يعلم وجهه من أفعاله ÷، (قال أئمتنا: لا حجة في حكاية فعله أو تركه إذا لم يعرف وجههما) لما استدل مالك على وجوب توالي غسل الأعضاء بفعل النبي ÷، وكذلك قيل إن فاطمة شكت إلى النبي ÷ أثر الرحى وطلبت منه خادمةً من السبي، ولم يعطها، وعلمنا الكلمات كما في الخبر، وغير هذا.

  وقال (ابن الحاجب: إن ظهر) في ذلك الفعل (قصد القربة) كالصدقة (فندب، وإلا) يظهر ذلك كالصلاة (فمباح).

  قلنا: إنا إن قلنا بجواز الصغيرة عليه تردد الفعل بين القبح والحسن، وإن لم نقل بذلك فوجوه الحسن مترددة بين وجوب وندب وإباحة وكراهة تنزيه، فإلى أنها بعمد وبأنها بسبب وبقصد، فليس إلاَّ الوقف، كذا قيل.

  قلت: وفيه تأمل لا يخفى⁣(⁣١).

  احتج القائلون بالوجوب: بقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ ...} الآية.

  قلنا: معنى التأسي إيقاع الفعل على الوجه الذي من أجله فعله، فيتوقف إثبات الواجب علينا على العلم بالوجوب عليه، وهو خلاف المفروض.

  وقال أهل الندب: هو إما للوجوب أو الندب أو الإباحة لانتفاء المعصية، والوجوب باطل؛ لأنه يستلزم التبليغ دفعاً للتكليف بما لا يطاق، والفرض أن لا تبليغ؛ لأن الكلام فيما إذا وجد فيه مجرد الفعل، وكذا الإباحة لقوله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ} في معرض المدح، ولا مدح على المباح، فتعين الندب وهو المطلوب.

  قلنا: إن وجوب التبليغ يعم الأحكام، فلو انتفى الوجوب لذلك، انتفى الندب والإباحة، فدليله مقلوب عليه.

  وأيضاً: فلم يذكر في الآية إلا حسن الأسوة، وقد علمت أن المباح حسن.

  احتج القائلون بالإباحة: بأنها متحققة لانتفاء المعصية، والوجوبُ والندب لم يثبتا لعدم الدليل، وإثبات ما هو المتحقق ونفي ما لم يتحقق هو الواجب.


(١) في هامش النسخة (أ): ووجهه: أن الصغيرة يجب خفاؤها، وكذلك المكروه كما سبق. تمت.

هذا يتم على القول بعدم التعيين للصغائر، وليس من مذهب المؤلف | كما عرفته. تمت.