(فصل): [في التقرير]
  إنكار ولم ينكر، (فإن كان) ذلك الأمر (كمضي كافر إلى كنيسة) مما علم أنه منكر له، وترك إنكاره في الحال لعلمه بأنه علم منه ذلك، وبأنه لا ينتفع في الحال (فلا أثر لسكوته) عنه، ولا دلالة على الجواز (اتفاقاً، وإلا) يكن كذلك (دل) سكوته (على الجواز) من فاعله مطلقاً، ومن غيره إذا ثبت أن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة؛ لأنه لو لم يكن جائزاً لزم ارتكابه ÷ لمحرم، وهو تقرير الفعل وتقريره على المحرم محرم عليه صلى الله عليه، فيتعد صدوره منه؛ لأنه خلاف الغالب من حاله، وهذا (إن لم يسبق تحريمه) أي ذلك الأمر، (فإن سبق تحريمه فنسخ) لذلك التحريم مع الجواز.
  وقيل: لا يدل على شيء من الجواز والنسخ.
  وقيل: يختص بالفاعل وحده.
  وإنما يكون نسخاً (إن لم يمكن التخصيص) بأن تراخى عن وقت الحاجة، فأما إذا أمكن التخصيص حمل عليه، لأن فيه جمعاً بين الدليلين، وهذا إذا لم ينكر ولم يستبشر، (فإن استبشر به) مع السكوت وعدم الإنكار (فأوضح من السكوت) من غير استبشار (في) الدلالة على (الجواز اتفاقاً) بين العلماء، وإنما كان أوضح لأن الإستبشار بمخالفة الحق لا يجوز عليه، ولأنه لا يمكن تقدير عدم الرضى وعدم العلم كما يمكن تقدير ذلك في المسألة الأولى، وإن كان فرض المسألة مع العلم.
  (ولذلك) أي ولأجل السكوت مع الاستبشار - لو صح - (تمسك الشافعي في ثبوت النسب بالقيافة، بسكوته ÷ واستبشاره بقول) مجزز (المدلجي في قصة أسامة وزيد) التي أخرجها البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة قالت: إن رسول الله ÷ دخل مسروراً علي تبرق أسارير وجهه، فقال: «ألم تري مجززاً المدلجي نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض»، وفي أخرى: «ألم تري أن مجززاً المدلجي دخل عليّ فرأى أسامة وزيداً عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسها وبدت أقدامهما، فقال: إن بعض هذه الأقدام من بعض».
  قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: كان أسامة أسود شديد السواد مثل القار، وكان زيد أبيض مثل القطن، قيل: وكان المنافقون ينبذون عمراً في نسب زيد وأسامة قاصدين بذلك أذية رسول الله ÷.