الباب الحادي عشر من أبواب الكتاب: باب الأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وما يجري مجراها من التروك والتقريرات
  تنبيه:
  قال في شرح المشارف: مُجَزِّز المُدلجَي - بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الزاي الأولى، وزاي ثانية - كذا اسمه، وسمي بذلك لأنه جز نواصي قوم، وكذا جاء في الأصول، وكذا قيده الجبائي وابن ماكولا وغيرهما، وذكر الدار قطني وعبد الغني عن ابن جريج أنه محرز - بالحاء المهملة ساكنة ثم راء مكسورة ثم زاي -.
  إذا عرفت هذا، فقال الشافعي: دل ذلك على أن القافة توجب ضرباً من العلم، إذ لو كان كلام القائف مهجوراً لأنكره ÷.
  (ولا حجة له في ذلك عند أئمتنا والحنفية، لأنهما) أي السكوت والاستبشار (إنما يكونان حجة حيث يعلم الحكم منهما) وهو ثبوت بعيد (لا من غيرهما، وهو هاهنا معلوم منه) أي من غيره، وهو قوله ÷: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فسكوته عليه لأنه وافق الحق، وهذا شابه ما لو قال فاسق مردود الشهادة، هذه الدار لفلان يعزوها إلى مالكها أو صاحب اليد فيها، فلو قرر الشارع مثل هذا الرجل على قوله لم يكن ذلك حكماً بأقوال الفسقة في محل النزاع.
  (وإنما فعلهما) أي السكوت والاستبشار (لغرض جملي، وهو حسم القالة) الحاصلة من المنافقين (بما يلزم الخصم على أصله) لأن المنافقين تعرضوا لذلك حيث كانوا معتقدين للقافة، وقالوا: كيف يصح أن أسامة على شدة سواده بن زيد مع شدة بياضه، فإذا عرضا على القائف ثبت نسبهما؛ لأن القيافة كانت لهم أصلاً في ثبوت النسب، وافق قول القائف الحق وإلزام الخصم على أصله، (وترك تبيين أنها) أي القافة (ليست بطريق شرعي لظهور ذلك).
  (فأما سكوته) عن الإنكار (مع عدم العلم) بذلك الفعل (فليس بحجة) لجواز إنكاره مع العلم (خلافاً لبعض الظاهرية) فزعموا أنه حجة، ولذلك احتجوا على إسقاط الغسل من دون إنزال مع الإيلاج بما روي عن بعض الصحابة: كنا نُكسل على عهد رسول الله ولا نغسل، وهو استدلال فاسد لما ذكرناه، ولذلك قال عمر لمن احتج به لما جرى في ذلك خوض بين الصحابة، هل علم رسول الله بذلك فأقركم عليه، قالوا: لا، فرده.