الباب الحادي عشر من أبواب الكتاب: باب الأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وما يجري مجراها من التروك والتقريرات
  قلنا: هذا إنما يستقيم على قول الأشعرية لا على قولنا، إذ يقطع بامتناع تقدم القول مع فرض الفعل قبل التمكن.
  وإلى الثاني أشار بقوله: (وإن خص) القول (الأمة) نحو أن يقول: استقبال القبلة محرم عليكم دوني، (فلا تعارض) بين القول والفعل، (مطلقاً) أي سواء تقدم الفعل أو تأخر، وإن جهل التاريخ، إذ الغرض عدم وجوب التأسي، فالفعل مختص به، والقول مختص بهم، ولم يتواردا على محل واحد.
  وإلى الثالث أشار بقوله: (وإن عمه وعمهم) فالقول الشامل، إما أن يكون: بطريق التنصيص، أو بطريق الظهور:
  (فإن كان) الشمول (بطريق التنصيص) كأن يقول وجب علي وعلى أمتي فعل كذا، (و) الحال أن القول (تأخر) عن الفعل (فلا تعارض لا في حقه ولا في حقهم) لعدم تكرر الفعل، ولعدم وجوب التأسي به بالفرض.
  (وإن تقدم) القول على الفعل (فلا تعارض في حقهم) لعدم الدليل على التأسي به، (ويمتنع في حقه) تقرير تقدم القول على الفعل، إلاَّ على تقدير المعصية؛ لأنها غير جائزة، إذ يلزم النسخ قبل إمكان العمل، (خلافاً للأشعرية)، فأجازوا ذلك بناء على قاعدتهم، (وإن جهل) التاريخ (فكما تقدم) من الأقوال الثلاثة التي اختير فيها القول لما تقدم.
  (وإن كان بطريق الظهور) وهو أن لا يكون صريحاً مثل أن يقول وجب على المسلمين كذا، (و) الحال أن القول (تأخر) عن الفعل (فلا تعارض لا في حقه ولا في حقهم) لعدم الدليل على تكرار الفعل وعلى التأسي بالفرض، (وإن تقدم) القول على الفعل (فالفعل تخصيص في حقه) لذلك القول لا نسخ، وإنما حكم بأنه تخصيص ولم يحكم بالامتناع لكي لا تبطل فائدة الدليلين القول في حقه والقول في حقنا، والجمع واجب ما أمكن، ولا يرجع إلى النسخ، وإن جاز إلاَّ لضرورة.
  [وفي المنهاج: أن الحكم بالتخصيص إن لم يتراخ، وهو اللائق، وعلى هذا فإن تراخي القول نسخ في حقه](١).
(١) ما بين القوسين صححه في هامش النسخة (أ)، وليس في النسخة الأصلية، وبعده: صدره الإمام فيه في ذلك الكلام، ووجدته نظراً لمولانا محمد بن عزالدين. تمت.