الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الحادي عشر من أبواب الكتاب: باب الأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وما يجري مجراها من التروك والتقريرات

صفحة 159 - الجزء 2

  (ولا تعارض في حقهم) لعدم الدليل على التأسي، (وإن جهل فالوقف)، لأنه إذا قد جاز تقدم القول على الفعل فالحكم بتقدم أحدهما على الآخر تحكم صرف، بخلاف ما سبق فإنا قد حكمنا بامتناع تقدم القول على الفعل، وأوجبنا تأخره لمنعنا النسخ قبل التمكن من الفعل، وهذا ظاهر.

  (القسم الثاني: أن يدل دليل على تكرار الفعل في حقه وعلى) وجوب (تأسي الأمة به ÷) وفيه الوجوه الثلاثة:

  أشار إلى الأول بقوله: (والقول إن خصه) كأن يقول: الاستقبال بالبول القبلة محرم علي دونكم (فلا تعارض في حق الأمة مطلقاً) أي سواء تقدم القول أو تأخر، وجهل التاريخ لأن القول لم يتناولهم، (وفي حقه) ÷ (إن تأخر) القول عن الفعل (فنسخ) للمتقدم، (وإن تقدم) القول على الفعل (امتنع) ذلك عندنا لتأديته إلى النسخ قبل إمكان العمل، (خلافاً للأشعرية) فيكون نسخاً عندهم بناء على أصلهم.

  وأنت خبير: بأن الحكم بالامتناع مطلقاً غير سديد، بل يقال: إن تأخر بوقت يمكن فيه العمل كان نسخاً، اتفاقاً، وإلا امتنع خلافاً للأشعرية، وهكذا القول فيما أشبه هذه الصور فيما سيأتي، (وإن جهل) التاريخ (فالثلاثة) الأقوال المتقدمة التي المختار منها العمل بالقول (كما تقدم)، إذ لو قدرنا تقدم القول للزم منه ما ذكرنا، فيحكم بتأخره، وقد سبق إلى ذهن بعض الأصحاب أن المختار في هذه المسألة الوقف، ولا يستقيم على قاعدة المصنف.

  وإلى الثاني بقوله: (وإن خص) القول (الأمة) نحو أن يقول: استقبال القبلة بالبول حرام عليكم دوني، (فلا تعارض) بين القول والفعل (في حقه) صلى الله عليه لعدم تناول القول إياه، (مطلقاً) سواء تقدم القول أو تأخر أو جهل التاريخ، (وفي حقهم) إن تأخر القول عن الفعل (فنسخ) للفعل المتقدم، (وإن تقدم) القول على الفعل (امتنع) تقديره للزوم النسخ قبل إمكان العمل، (خلافاً للأشعرية) لما تقدم، (وإن جهل) التاريخ (فالمختار وفاقاً للجمهور: العمل بالقول لاستقلاله) بالدلالة على ما وضع له، لوضعه لذلك بخلاف الفعل، فإن له محامل، وإنما يفهم منه في بعض الأحوال، ذلك بقرينة خارجية فيقع الخطأ فيه كثيراً.

  وأيضاً دلالة القول متفق عليها، ودلالة الفعل مختلف فيها، والمتفق عليه أولى بالاعتبار.