الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الحادي عشر من أبواب الكتاب: باب الأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وما يجري مجراها من التروك والتقريرات

صفحة 160 - الجزء 2

  (وقيل): العمل (بالفعل، لأنه يبين القول) كـ «صلوا كما رأيتموني أصلي»، و «خذوا عني مناسككم»، بياناً لآية الحج والصلاة، وكخطوط الهندسة وغيرهما مما جرت به العادة من الأفعال للتعليم، إذا لم يف القول به فيستعان بالتخطيط والتشكيل والإشارة والحركات، ولهذا قيل: ليس الخبر كالمعاينة، فكان أقوى.

  ورد: بأن البيان بالقول أكثر فيكون أرجح، وإن سلم التساوي رجح القول بالوجه الآخر، فإن الدليلين من جنس واحد⁣(⁣١) إذا تعارضا فقيام دليل آخر على وفق أحدهما يرجحه.

  وقال (الإمام) يحيى، (والقاضي) عبد الجبار، (وابن زيد، وغيرهم)، كالغزالي: (بل يتعارضان، فيرجح أحدهما على الآخر إن أمكن) الترجيح بأن يصحب أحدهما وجه من وجوهه، (وإلا) يمكن الترجيح بينهما (رجع إلى غيرهما من الأدلة) واطرحا كما هو الواجب في الأدلة المتعارضة، وإنما حكم بتعارضهما لأن كل واحد منهما حجة شرعية، فإذا لم يعلم التاريخ بينهما وجب الحكم بالتعارض كما في الأقوال.

  قلنا: كون أحدهما قولاً والآخر فعلاً وجه ترجيح فلا مساواة فيحصل التعارض، لما قدمنا مما لا ينكره إلاَّ متجاهل.

  وإلى الثالث أشار بقوله: (وإن عمه وعمهم) كأن يقول: استقبال القبلة بالبول حرام علي وعليكم، (وتأخر) القول عن الفعل (فنسخ)، لوجوب تكرر الفعل في حقه والتأسي في حقنا، (وإن تقدم) القول على الفعل (امتنع) تقديره لما عرفت، (خلافاً للأشعرية) فأجازوه بناء على قاعدتهم.

  قيل: لكن هذا حيث تناوله القول بالنصوصية، فيكون نسخاً عندهم، وأما إذا تناوله بطريق الظهور فالفعل مخصص.

  (فإن جهل) التاريخ (فالثلاثة) الأقوال المتقدمة التي المختار منها العمل بالقول لتعذر تقريره متقدماً على قاعدة الأصحاب، وقيل الفعل، وقيل الوقف.


(١) في هامش النسخة (أ): احترازاً عما لو اختلفا بالجنس فإنه لا يرجح بالكثرة لبعض وقياس، بخلاف ما إذا تعارض القياسان ووجد على وفق أحدهما دليل، وها هنا الدليلان من جنس وهو وقوع كل من القول والفعل بياناً، وقد قام الوجهان السابقان على تقديم القول. تمت أم.