(فصل): [في أقسام الخبر لأمور خارجية]
(فصل): [في أقسام الخبر لأمور خارجية]
  لما كان الخبر من حيث هو خبر محتمل للصدق والكذب مطلقاً، لكنه قد يقطع بصدقه أو كذبه لأمور خارجية، وقد لا يقطع بواحد منهما لعدم عروض موجب للقطع به، فصار الخبر على ثلاثة أقسام، قد أوضحها بقوله:
  (وينقسم الخبر: إلى ما يعلم صدقه، وإلى ما يعلم كذبه، وإلى ما يحتملهما).
  (فالأول): وهو ما يعلم صدقه، فصدقه إما ضروري أو نظري، والضروري إما:
  (ضروري بنفس الخبر) فإنَّه هو الذي يفيد العلم الضروري بمضمونه، وذلك (كالمتواتر لفظاً أو معنى) دون لفظٍ، وسيأتي بيانهما إن شاء الله تعالى.
  (و) إما ضروري (بغيره)، أي استفيد العلم الضروري بمضمون الخبر من غيره، وذلك (كالموافق للضروري) وهو الخبر عن البديهيّات نحو الواحد نصف الاثنين، وعلو السماء على الأرض، فإذا أخبرنا بذلك علمنا صدقه قطعاً؛ لأن خبره وافق ما هو مذكور في بداية عقولنا، ومقرر فيها من صحة هذا الحكم، فلولا تقرره في عقولنا لما علمنا صدق من أخبر به.
  (والاستدلالي) وهو إمّا (عقلي كخبره تعالى) فإنَّه يعلم صدقه بالاستدلال العقلي، وهو عند أهل العدل أن الله عدل حكيم لا يفعل القبيح، وقبح الكذب معلوم ضرورة، (وخبر رسوله ÷) دليل صدقه عند أهل العدل أن الله تعالى أظهر المعجز عليه تصديقاً له، ودليلاً على عصمته، والله تعالى لا يصدق الكاذب؛ لأن ذلك قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح.
  (و) إمّا (شرعي كخبر الأمة والعترة) ودليل صدقه ما دل على أن إجماعهم حجة، وهذا بناء منه على قاعدته فيما سبق من أن دليل الإجماع شرعي فقط (وكذا موافقهما) أي الإجماعين المذكورين من الأخبار، فإنما يعلم صدقه - وذلك هو الذي قرروه - إما بأن يجمعوا على صحته أو يتركوا النكير مع عدم الباعث عليه، ودليل صدقه أنه لو كان كذباً لكانوا قد أجمعوا على ضلالة.
= هامش النسخة (أ).