الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في أقسام الخبر لأمور خارجية]

صفحة 183 - الجزء 2

  (أو الرواية بما يتوهم أنه المعنى) قيل: وهذا فيمن يظن صدقه، وهو لا يرى جواز تعمد الكذب لنصرة المذهب، فيكون سبب كذبه أن يبدل لفظاً مكان لفظ ظناً منه أنه يقوم مقامه، وكأن يطول العهد بسماعه، فيؤدي اللفظ بزيادة أو نقص أو تبديل ظناً منه أنه الذي سمعه.

  قلت: ولا يشترط ذلك، بل يكون من النقل بالمعنى كيف كان، وذلك كما روي أن ابن عمر روى أنه عليه الصلاة والسلام وقف على قليب بدر، فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، ثم قال: إنهم الآن يسمعون ما أقول لهم، فذكر ذلك لعائشة فقالت: لا بل قال إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق.

  (أو رواية ما هو خاص على العموم) كقوله ÷: «ولد الزنا شر الثلاثة، والتاجر فاجر» قالت عائشة: إنما قاله في ولد زنا سب أمه وفي تاجر دلس.

  (أو رواية ما حكي عن قوم على خلاف ذلك لعدم سماع أوله) وذلك كأن يدرك الراوي النبي ÷ يحكي عن غيره فيسمع اللفظ دون الإسناد إلى الغير كما روي عن عائشة أن قوله # «الشؤم في ثلاثة: المرأة والدار والفرس»، كان حكاية عن غيره يعني اليهود؛ لأنه روي أن صدر الحديث «لعن الله اليهود يعتقدون الشؤم في ثلاثة»، ولدفع مثل هذا الوهم كان # يستأنف الحديث، إذا أحس بداخل لئلا يفوت السامع ما تتم به الفائدة.

  (أو الترغيب) في الطاعة من الرغبة، وهي الميل.

  (أو الترهيب) عن المعصية من الرهبة وهي الخوف، وذلك كما يحصل من جهة القصاص، ترقيقاً لقلوب العوام وترغيباً لهم في الأذكار والأوراد، كما حكى عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين أنهما حضرا في مسجد جماعة فقام بين أيديهم قاض وقال: أخبرنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله ÷: «من قال لا إله إلاَّ الله. خلق اللهُ من كل كلمة منها طيراً منقاره من ذهب وريشه من مرجان ..» وأخذ في ذلك في قصة طويلة بين نحو عشرين ورقة، فنظر يحيى إلى أحمد وقال له: أنت حدثته؟ فقال: والله ما سمعته إلاَّ الساعة، فسكتا جميعاً حتى فرغ من قصته، وأخذ قطعة ثم قعد ينتظر بقيتها، فقال يحيى نبذة أن تقال، فجاء متوهماً لنوال يجيزه، فقال له: من حدثك بهذا الحديث، فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، فقال: أنا ابن معين وهذا أحمد بن