الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 188 - الجزء 2

  ومنها: أن العلم بموجبه يؤدي إلى تناقض المعلومين إذا أخبر جمع كثير بالشيء وجمع كثير بنقيضه، وذلك محال.

  ومنها: أنه يلزم تصديق اليهود والنصارى فيما نقلوه عن موسى # وعيسى صلى الله عليهما، أنه قال: لا نبي بعدي، وهو ينافي نبوة محمد ÷، فيكون باطلاً.

  ومنها: أنه لو حصل به علم ضروري لما فرقنا بين ما مثل به وبين العلم بالضروريات، واللازم باطل؛ لأنا إذا أعرضنا على عقولنا وجود اسكندر وقولنا الواحد نصف الاثنين فرقنا بينهما ووجدنا الثاني أقوى بالضرورة.

  ومنها: أن الضروري يستلزم الوفاق فيه، وهو منتفٍ في المتواتر لمخالفتنا.

  والكل مردود:

  أما إجمالاً: فلأنه تشكيك في الضروري، فهو كشبه السوفسطائية لا يستحق الجواب.

  وأما تفصيلاً: فالجواب عن الأول: أنه قد علم وقوعه، والفرق وجود الداعي بخلاف أكل الطعام الواحد، وبالجملة فوجود العادة هنا وعدمها ثمة ظاهر.

  وعن الثاني: أنه قد يخالف حكم الجملة حكم الآحاد، فإن العلم - سواء كان بخلق الله تعالى بطريق العادة، أو بإيجاب الأخبار إياه - يجوز أن يتحقق بخبر عشرة ولا تتحقق بخبر تسعة، بأن يزول بانضمام الواحد إليه احتمال الكذب عند السامع، وإن كان محتملاً له في نفسه من حيث أنه خبر.

  وعن الثالث: أن تواتر النقيضين محال عادة.

  وعن الرابع: بأن نقل اليهود والنصارى لو حصل بشرائط التواتر لحصل العلم، وإنما انتفى لانتفاء الشرائط.

  وعن الخامس: أن الفرق أنه نوع من الضروري وغيره من المحسوسات أو البديهي نوع آخر، فقد يختلفان لا لاحتمال النقيض، بل بالسرعة وغيرها.

  وعن السادس: أن الضروري لا يستلزم الوفاق لحوار العباد والسقاف من الشرذمة القليلة وإلا ورد عليكم خلاف السوفسطائية، لإنكارهم المشاهدات.

  (واتفق العقلي على حصول العلم به) لما قدمنا، (ثم) القائلون بكون التواتر مفيداً للعلم لما لم يجدوا المتواتر مما لا يحتاج إلى وسائط وشروط أصلاً كالبديهيات الجلية، ولا مما يحتاج إلى تصور