الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  (و) معنى كونها شروطاً (عند من جعله استدلالياً: أنها شروط في نفس حصوله) بمعنى أنه لا يعلم ذلك الخبر إلاَّ بسبق الشروط عليه، (فيجب تقدم معرفتها، و) العلم بأن تلك الشرائط قد اجتمعت (هو ضابط حصول العلم) بمقتضى الخبر عندهم عكس ما قلناه.
  (ثم العدد قد يكون ناقصاً) عن القدر الذي لا بد منه في إفادة العلم وحينئذ (لا يحصل العلم عنده)، لفوات شرط من شروط التواتر وهو كمال العدد.
  (و) قد يكون (زائداً) على القدر الذي يكفي في إفادة العلم، وحينئذ (يحصل) العلم (بدونه).
  (و) قد يكون (كاملاً بحيث لو نقص) عنه (لم يحصل العلم) به (ولو زاد) عليه (لكان) ذلك الزائد (فضلة) غير محتاج إليه.
  واختلف هل هو معلوم أو لا؟.
  (والمختار وفاقاً للمحققين أنه) أي العدد (غير معلوم لنا) حتى نحكم عليه بأنه أربعة أو خمسة أو غير ذلك (وضابطه ما حصل العلم عنده) لأنا نقطع بحصول العلم بأخبار الملوك والبلدان من غير علم بعدد مخصوص لا متقدماً ولا متأخراً - أعني لا قبل حصول العلم كما يقتضيه رأي من يقول إنه نظري ولا بعده على رأينا - ولا سبيل إلى العلم به عادة؛ لأنه يتقوى الاعتقاد بتدريج كما يحصل كمال العقل بتدريج خفي، والقوة البشرية قاصرة عن ضبط ذلك.
  (و) نقطع أيضاً بأنه (يختلف باختلاف أحوال المخبرين) مثل كونهم موصوفين بالصدق، مباشرين للأمر الذي أخبروا به، كخواص الملك فيما أخبروا به عنه، (و) باختلاف أحوال (المستمعين) للخبر، بكونهم أذكياء أو بلداء، (و) باختلاف (الوقائع) ككونها أموراً قريبة الوقوع، فيحصل بإخبار عدد أقل، أو بعيدة فيفتقر إلى أكثر، وتفاوت كل واحد من ذلك يوجب العلم بخبر عدد أكثر وأقل لا يمكن ضبطه، فكيف إذا تركبت الأسباب.
  (وقيل: بل) عدد التواتر (معلوم لنا) وليس لشيء ما تقدم.
  (واختلف) بعد القول بأن عدده غير معلوم (في أقله):
  (فقيل): أقله (أربعة) وقائل: هذا القول أبو هاشم.
  (وقطع أئمتنا والشافعية والباقلاني بنقصها) عن عدد التواتر وإلا لحصل بشهود الزنا فلم يحتج إلى التزكية.