الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  فإن قيل: يشترك اللازم، فإنَّه كما تجب التزكية في الأربعة تجب في الخمسة، فلا وجب للجزم بعدم الحصول في الأربعة، والتجويز في الخمسة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  قلنا: الخمسة قد تفيد العلم فلا تجب التزكية، وقد لا تفيد، وما ذاك إلاَّ لكذب واحد لا أقل، فلا بد من التزكية ليعلم عدالة الأربعة وصدقهم بخلاف الأربعة، فإنَّه إن كذب واحد لم يبق نصاب شهادة الزنا.
  وقد يجاب عن أصل الاستدلال: بأن أمر الشهادة أضيق وبالتغليظ أجدر.
  وقال (الجمهور) من العلماء: أقل عدد التواتر الذي يجوز حصول العلم عنده (خمسة، وهو المختار) لأنه لا مانع من ذلك حيث كانوا على حال يقطع فيه بعدم التواطؤ على الكذب، كأن يردوا من جهات مختلفة مخبرين برؤية الهلال مع العلم بأنه لا غرض لهم إلى ذلك، بخلاف الأربعة فقد عرفت المانع.
  (وقطع القاضي) عبد الجبار (وأبو رشيد) والإمام المنصور بالله في رواية المهدي عنه (بنفيها) أي الخمسة كالأربعة.
  (وتوقف الباقلاني) في إفادة الخمسة لذلك أو لا، حكاه عنه الرازي وابن الحاجب، قال في الوقف وأما الستة فهي عنده مفيدة للتغير لا محالة.
  (وقيل) أقل عدد التواتر (سبعة) لأجل ................ [بياض في الأصل قدر سطر كامل].
  وقال (الإصطخري) أقل عدده (عشرة).
  قلت: ولعل حجته أن ذلك بعدد أصحاب رسول الله صلى الله عليه المذكور فيهم أنهم من أهل الجنة، فكونهم من أهل الجنة يقتضي البحث عنهم ليعرفوا، وهو لا يحصل إلا بإخبارهم فكونهم على هذا العدد ليس إلاَّ لأنه أقل ما يفيد العلم.
  وفي الحواشي: بعدد أهل بيعة الرضوان، وما عرفت معناه، فإن أهل الرضوان كانوا ألفاً وستاً أو ثلاثمائة.
  (وقيل): أقله (اثنا عشر) عدد النقباء في قوله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا}[المائدة: ١٢]، بعثوا كما قال أهل التفسير للكنعانيين بالشام طليعة لبني إسرائيل المأمور بجهادهم ليخبرهم بحالهم الذي لا يرهب فكونهم على هذا العدد ليس إلاَّ لأنه أقل ما يفيد العلم المطلوب في مثل ذلك.