الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 194 - الجزء 2

  قالوا: ولذلك قال صلى الله عليه لعمر فيما رواه الشيخان: «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل البدر، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».

  قالوا: وهذا لاقتضائه زيادة احترامهم يستدعي التفتيش عنهم ليعرفوا، وإنما يعرفون بأخبارهم، فكونهم على هذا العدد المذكور ليس إلاَّ لأنه أقل ما يفيد العلم المطلوب في مثل ذلك، على كون العدد شرطاً لتلك الوقائع، ولا على كونه مفيداً للعلم.

  وهذه الأقوال كلها ضعيفة؛ لأنها تفيد أن لا دليل عليها، وعلى تسليم ما ذكروه، لا يدل على كون العدد شرطاً لتلك الوقائع، ولا على كونه مفيداً للعلم لجواز أن يكون حصوله في تلك الصورة من خواص العدد المعدودين، وهل اعتبرت هذه الأعداد لجواز حصول العلم بحيث أنه لا يحصل عند انخرام النصاب بواحد وللقطع بحصوله، ومع انخرامه يجوز حصوله وعدمه فيه روايتان، واستقرب المهدي الأخرى.

  مسألة:

  قال (أبو الحسين والباقلاني وغيرهما: وكل عدد أخبر شخصاً بواقعة فحصل له العلم) بتلك الواقعة (عند خبره) أي ذلك العدد (ثم أخبر) ذلك العدد (بها غيره فإنَّه يجب حصوله) أي العلم بتلك الواقعة (للغير) أي غير ذلك الشخص.

  (وكذا) يجب حصوله (عند إخبار ذلك العدد أو مثله) في جميع الصفات (بواقعة أخرى لذلك الشخص أو غيره) مساوية لتلك الواقعة في الجلاء والظهور، وكان السامع هنا مثله ثَمَّ يجب أن التساوي في جميع ذلك من كل وجهٍ لما علمت من تفاوت إفادة الخبر للعلم بتفاوت ذلك، فإن خبر هؤلاء يفيد العلم كما يفيد خبر أولئك.

  قال ابن الحاجب: وهذا صحيح، وإن كان يعتد حداً لتفاوتها عادة.

  (وقيل: لا يجب ذلك).

  لنا: أمّا عند من يجعله استدلالياً فهو أن ما دل على صدق خبرهم لشخصٍ معين، وفي شيء معين دل على صدق خبرهم لغير ذلك الشخص، وفي غير ذلك الشيء، ودل أيضاً على صدق خبر مثلهم.

  وأما عند من يجعله ضرورياً فهو أنه لو حصل لشخص دون شخصٍ أو بخبر كثرة دون مثلهم لجاز أن يخبر القافلة العظيمة بوجود مكة، فيحصل العلم للبعض دون البعض، وأن يخبر فيحصل العلم، ويخبر مثلها فلا يحصل العلم.