الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في حكم ما أخبربه واحد بحضرة ولم يكذب]

صفحة 203 - الجزء 2

(فصل): [في حكم ما أخبربه واحد بحضرة ولم يكذب]

  (وما أخبر به واحد) أو ما في حكمه إلى الأربعة، بل حاصله ما لم يفد التواتر (بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه) فإن كان مما يحتمل أن لا يعلموه مثل خبر غريب لا يطلع عليه إلاَّ الأفراد لم يدل على صدقه أصلاً، (و) إن كان مما (علم) من حالهم (أنه لو كان كذباً) أو صدقاً (لعلموه)، فإن كان مما يجوز أن يكون لهم حامل على السكوت من خوفٍ أو غيره لم يدل أيضاً.

  (و) إن علم أنه (لا حامل لهم على السكوت، فهو صدق قطعاً للعادة)، إذ هي قاضية بامتناع سكوتهم وعدم تكذيبهم في مثله مع علمهم بالكذب.

  لا يقال: لعلهم ما علموا أو علمه بعضهم أو جميعهم.

  لأنا نقول: ذلك معلوم الانتفاء بالعادة.

  (وكذا) يفيد العلم بصدق الخبر (ما أخبر به بحضرة النبي ÷ مما يتعلق بشريعته) كأن يخبرنا بأنه واجب أو حرام أو نحو ذلك، (أو معجزاته) كأن يخبر أن الحصى تسبح في يده، أو أنه كلمه حيوان، (أو نحو ذلك) كأن يكون مما لا يعلم إلاَّ من جهته كأخبار الآخرة (ولم ينكره) أي ذلك الخبر بنفيه له، فإن هذا الخبر يفيد العلم؛ لأن سكوت النبي ÷ يقتضي صدق المخبر، فلو كان كاذباً كان الرسول قد أوهم تصديقه وأنه غير جائز.

  (خلافاً لابن الحاجب وغيره) كالآمدي في قولهم لا يدل سكوت النبي ÷ على صدق المخبر لجواز أن يكون بيَّنه أو أخر بيانه أو لم يفهمه أو لجواز الصغيرة عليه.

  قلنا: سبق البيان أو تأخيره لا يبيح السكوت عند وقوع المنكر لما فيه من إفهام تغير الحكم في الأول، وتأخير البيان عن وقت الحاجة في الثاني؛ ولأن الصغيرة لا تجوز عليه فيما يتعلق بالتبليغ، وأيضاً فنحن نشترط خفائها.

  (وما صرح بتكذيبه جمع عظيم يستحيل تواطؤهم عليه عادة) كأن يقول الجمع نحن حضرنا في الوقت الفلاني فلم نجد من هذه الحكاية شيئاً، (أو صادم قاطعاً) من الكتاب أو السنة أو إجماع العترة أو الأمة المتواترين، (أو بُحث عنه فلم يوجد عند أهله) من الرواة ولا في صدور الكتب، (غير مستندين في فقده أو رده إلى أصل مرفوضٍ) كما أستندوا إلى رد الحديث بأنه لم يوجد في