فصل: [في الخبر والإنشاء وغيرهما هل لها حكم تتميز به عن بعضها]
  صفة بكونه خبراً لكان إما يرجع إلى الأجزاء: وهو باطل للزوم تعدد الصفات والأخبار، أو إلى الجملة وهو كذلك، إذ جملة الخبر لا تجتمع في الوجود، فيلزم أن تكون الصفة الوجودية ثابتة للموجود والمعدوم، والمعدوم لا تثبت له صفة بالفاعل.
  وأجيب عن الآخر: بأنا نختار أن ترجع إلى الجملة، ولا محذور، فإن الصفة تثبت عند النطق بآخر حرف من الخبر وتثبت له، وما سبق وإن كان معدوماً لأن وجود ما لا يتم خبراً إلا به وهو الحرف الأخير كاف في لحوق الصفة به، ولما يسبق له وجود ثم عدم، لأن بوجود الآخر يثبت خبراً، فكأن جميع أجزائه حال وجود الآخر في الوجود والعدم أجزاء الحروف، زالت الصفة بمصير المتصف بها كله معدوماً، وفي العام بحث طويل محله الكلام](١).
  وأمَّا وجه فرق الشيخ بين الخبر والأمر والنهي: فما قاله الإمامُ عز الدين # في شرح المنهاج(٢): من أنه جعل تميز الأمر والنهي وغيرهما بإرادة المأمور به وكراهةِ المنهي عنه، فاكتفَى بذلك عن إثبات صفة لهما، بخلاف الخبر فإنَّه لا يصح أن يتميز بإرادة المخبر عنه؛ إذ قد يكون باقياً وماضياً وقديماً، لكنَّه يقال: فهلا جعلت تميزه بإرادة كونه خبراً عما أخبر بصفته.
  وأمَّا الثانية(٣): ففيها خلاف: قد أشار إليه بقوله (واختلف في الأمر لماذا كان أمراً) وكذلك سائر أنحاء الكلام.
  قال القاضي عبد الله: وهذه المسألة تبنى على المسألة الأولى؛ لأن الكلام في المؤثر في كونه أمراً فرع على الكلام في ثبوت هذا الحكم الذي هو كونه أمراً.
  (فالأقلون) قالوا: (لا يعلل ذلك)، ومن أهل هذه المقالة: أبو الحسين والإمام المنصور وابن الملاحمي.
  وقال (الأكثرون: بل يعلل) ذلك، ثُمَّ اختلفوا بعد الاتفاق على التعليل:
(١) ما بين القوسين غير موجود في النسخة الأصلية، وهو في هامش النسخة (أ) نسخة صحيحة.
(٢) هو الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل بن المؤيد بن أحمد المهدي بن الأمير شمس الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى، من أئمة الزيدية المجددين، ومشاهيرهم، علماً وعملاً وجهاداً وتصنيفاً، ولد سنة (٨٤٥) هـ، ودعا سنة (٨٨٠) هـ، وتوفي سنة (٩٠٠) هـ وقبره في هجرة فللة مشهور مزور، وله في علم الكلام كتاب المعراج شرح المنهاج، مطبوع.
(٣) من مسائل الفصل هذا.