الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [شروط العمل بخبر الواحد]

صفحة 211 - الجزء 2

  الحديث (قبله) قُبِل (وفاقاً للجمهور) من العلماء، وظاهر إطلاق السيد أن في المسلة مخالفاً، والقاضي عبد الله والحفيد ادعيا الاتفاق على ذلك، وابن الحاجب أطلق، ولم يحك خلافاً، وكذلك الرازي.

  لنا: على قبول ذلك أدلة:

  الأول: إجماع الصحابة على قبول رواية الحسنين مع سماعهما لذلك حال الصغر، وكان ما يرويانه عند أهل النقل يسمى سلسلة الذهب غير الموتشب، وكذلك ابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير، يدل على ذلك كتب الحديث، فإنهم لم يسألوا فقط عن تحملهم، أقبْل البلوغ كان أم بعده، وإن احتمل الأمرين احتمالاً ظاهراً.

  الثاني: إجماعهم على إحضار الصبيان مجالس الرواية وإسماعهم الحديث، ولو لم يعتبر نقله لما أفاد ذلك.

  واعترض: بأن ذلك قد يكون للتبرك، ولذلك يحضرون من لا يضبط.

  الثالث: أن ذلك (كالشهادة) من غير فرض، فإنها تقبل من المكلف، وإن تحملها صغيراً، والجامع أنه حال الأداء مسلم عاقل بالغ محترز عن الكذب.

  (واختلف في المراهق) قال ابن فارس: وهو الغلام الذي يقارب البلوغ، وقيل: المراهقة تحصل بدخوله سنة اثني عشر. وقيل: بدخول الصبي سنة خمسة عشر، (المميز) بين الحسن والقبيح:

  (فعند المؤيد بالله يقبل، وهو مقتضى مذهب من أوجب العمل به عقلاً) إما مع السمع وإما وحده، فهو يمنع القبول لأجل السمع، وإنما كان يجيء على ذلك لأن أحدنا قد وجب عليه الأخذ بخبر الواحد العاقل لما غلب الظن بصدقه فيما يخبر بأنه عن جلب نفع أو دفع ضرر في أمر الدين، فكذلك يجب الأخذ بخبر المراهق إذا حصل لنا الظن بصدقه، وإلا انتقضت الدلالة العقلية.

  وقال (أبو عبد الله والغزالي والرازي: لا يقبل) لأن الصبيان ليسوا أهلاً لأنْ يؤمنوا على شيء من أمور الدين، وما يبنى عليه تحليل أو تحريم لما قدمنا من أنه لا صارف لهم عن الكذب من جهة الدين.

  وأجيب: بأنه غير ممتنع أن يتحلى الصبي بمنشئ شريف ومرتبة في الطهارة والعفة كريمة، فيحل في باب التقوى والخشية محل الكبير، وذلك موجود في البيوتات الكريمة المعروفة في الصلاح من أهل البيت وغيرهم، وقد يقول قائلهم والله ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمالي، وقد يقرع