الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 212 - الجزء 2

  سمع الغلام من أهل البيت آية الوعيد فيغشى عليه؛ ولأن الذي دلّنا على الأخذ بأخبار الآحاد ما نقل عن الصحابة من الرجوع إليها، ولم ينقل عنهم الرجوع إلى أخبار الصبيان.

  (و) أجيب: بأن بعض الصحابة قبل خبره وهو بهذه الحالة، ولو سلم عدم صحته فلم يكن منهم له رد، فيحتج بذلك، وإن أورد إجماع أهل المدينة على قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الدماء قبل تفرقهم مع أنه احتيط في الشهادة ما لم يحتط في الرواية، وقال بهذه المقالة الإمام الهادي #.

  أجيب: بأن (قبول شهادة بعضهم على بعض في الجنايات) قبل تفرقهم (مستثنى عند قائلها)، وهو الهادي ومالك لمسيس الحاجة إليه، (لكثرتها) أي الجناية فيما (بينهم) إذا كانوا (منفردين) لا يحضرهم عدل، فلو لم تعتبر شهادتهم لضاعت الحقوق التي توجبها تلك الجنايات، والمشروع أساساً لا يرد نقضاً كالعرايا وشهادة خزيمة.

  (الثاني) من الشروط المعتبرة في المخبر: (الإسلام) فإذا كان الراوي مسلماً مع جمع الشروط الآخرة قبلت روايته، (وإن سمع قبله) أي قبل الإسلام كالصبي لأنه في هذه الحال صار كامل الشروط.

  (فلا يقبل كافر التصريح إجماعاً) سواء علم من دينه المبالغة في الاحتراز عن الكذب أو لم يعلم لقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، والفاسق كافر بالعرف اللغوي، إذ هو المارق، وإنما كان لا يسمى بالعرف المتأخر فاسقاً، ويجعل قسماً له ويعرف بأنه مسلم ذو كبيرة أو صغيرة أصر عليها، وأيضاً ففي هذا معنى الأولى.

  (و) إن قيل: أليس مذهبنا قبول شهادة الكفار مع اتحاد ملتهم، ومذهب أبي حنيفة مطلقاً على أنفسهم، فيلزم مثل ذلك في الرواية.

  قلنا: (من قبل شهادة بعضهم على بعض مُطلقاً) وهو أبو حنيفة أي مع اتحاد الملة واختلافها إذ الكفر عنده ملة واحدة، (أو مع اتحاد الملة) كما هو مذهبنا (لا يقبل روايتهم) بل قد صرحوا بذلك، وإنما ألجأ إلى ذلك الضرورة، لأجل صيانة معاملتهم، إذ أكثر معاملتهم فيما لم يحضرهم مسلمان.

  (واختلف في كافر التأويل) هل يقبل أو لا؟ (وهو من أتى من أهل القبلة ما يوجبُ كفره غير متعمد) للكفر، وفي هذا دور، فلو قيل وهو من أتى من أهل القبلة معصية يستحق عليها أعظم العقاب لشبهة مع إقراره بجملة الإسلام، لخلص عن الدور، (كالمشبه) لله تعالى، والمجبر عند من يجعلهما كفراً: