الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 215 - الجزء 2

  وإن علياً غدا خصمنا ... ويعتز بالله والمرسل

  وما دم عثمان منج لنا ... ونحن عن الحق في معزل

  وإنكاره على معاوية في حديث: «إنما قتله من جاء به» يدل على أنهما عالمان أنهما ليسا على الحق، ويدل على ذلك قول أمير المؤمنين المذكور في النهاية: (ألا وإن معاوية قَادَ أمة من العوام وغمش عليهم الخبر)، والتغميش أن تري أنك لا تعرف الأمر وأنت عارف به، وفي كلام الذهبي في ترجمة معاوية ما يدل على أنه غير متعمد، وكذا عن عمر حكاه ابن حلّكان، وليس ببعيد هذا عن أهل النصب وشدة العداوة لأهل الحق.

  نعم، وقد قيل بكفر معاوية، وأنه وجد معه بعد موته صليب من ذهب.

  قلنا: الأصح أنه فاسق تصريح، إذ لا يثبت الكفر إلاَّ بقطعي، ولم يتواتر هذا.

  قال (الباقلاني: وهما) أي الكفر والفسق (سلب أهلية) فلا يقبل قول الكافر والفاسق، وإن ظن صدقه، وهذا هو ظاهر قول أمير المؤمنين الهادي #، لأنه قال: يصلي في ثوب شهد بنجاسته فاسقان وإن ظن صدقهما.

  وقال (أبو حنيفة: بل) هما (مظنة تهمة) فإذا انتفت تهمة الكذب جاز العمل عليهما على ظاهر إطلاقه.

  وقال (الشافعي: الكفر سلب أهلية والفسق مظنة تهمة)، فعلى هذا لا يقبل عنده الكافر مع ظن الصدق والفاسق بخلافه.

  قال الغزالي في المستصفى: وهذا هو الأغلب على الظن، قال: فإن قيل فهذا يشكل على الشافعي من وجهين:

  أحدهما: أنه قضى بأن النكاح لا ينعقد بشهادة الفاسقين، وذلك لسلب الأهلية.

  الثاني: أنه إن كان للتهمة فإذا غلب على ظن القاضي صدقه فليقبل.

  قلنا: أما الأول: فمأخذه قوله # «لا نكاح إلاَّ بولي وشاهدي عدلٍ»، وللمشرع أن يشترط زيادة على أهلية الشهادة كما شرطا الولي، وكما شرط في الزنا زيادة عدد.

  وأما الثاني: فسببه أن الظنون تختلف، وهو أمر خفي ناطه الشرع بسبب ظاهر وهو عدد مخصوص، ووصف مخصوص وهو العدالة، فيجب اتباع السبب الظاهر دون المعنى الخفي، كما