الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 217 - الجزء 2

  عليه الحكم بموجبه إن كان على أن كل مجتهد مصيب، فظاهر، وإلا فلأنه يجب عليه العمل بظنه، وعلى المقلد قبول فتواه، فلو فسقناه به لفسقناه بذلك، وأنه محال.

  (وقول الشافعي أقبل شهادة الحنفي وأحده إذا شرب النبيذ، فيه نظر، إذ لا حد بمباح عنده) كيف وهو يترك الحد لشبهة فضلاً عن اجتهاده أو تقليد للمجتهد، قال الإمام: وهذه هفوة من الشافعي لو صدرت من غيره لتوقت إليه سهام التقريع.

  وقال المهدي في البحر لما حكى عن الإمام يحيى قوله في أن الشافعي ناقض هنا، قلت: لا يناقض إذ شبهه بفاسق التأويل لاعتقاده التحليل.

  الشرط (الرابع) من الشروط الراجعة إلى المخبر: (رجحان ضبطه) على عدم ضبطه، وذكره (على سهوه) وإن عقل في حال من حالاته، وهذا مقبول اتفاقاً لحصول الظن القوي بصحة ما رواه، ولا ينافيه ذلك، لأن الإنسان لا يخلو عن شيء من النسيان، ولذلك سمي بالإنسان، فإن غلب سهوه لم يقبل اتفاقاً، إذ لا يؤمن أن ينسى ما سمعه ويتوهم سواه، فلا يحصل ظن غالب بصحة ما رواه، إلاَّ أن تكون الرواية في لفظ يسير جلي يتعذر عدل الغفلة فيه.

  (فإن استويا) يعني ضبطه وسهوه ولم يظهر مرجح، والاستواء بأن لا يعلم ترجيح لا بأن يعلم الاستواء، فذلك مما لا سبيل إليه إلاَّ بالوحي (قبل) خبره (عند القاضي) عبد الجبار (وابن زيد والشافعية إلاَّ أن يعلم سهوه فيه) أي في الذي رواه بعينه رد.

  (ورد عند أكثر أئمتنا والجمهور) من العلماء، منهم أبو الحسين وابن الحاجب وغيرهما.

  (وقال المنصور) بالله (والإمام) يحيى (وابن أبان محل اجتهاد) فيعمل فيه الناظر بحسب القرائن من كون الراوي متحفظاً في ذلك الخبر أو ساهياً، وإن لم يوجد قرينة فيعمل فيه الناظر بحسب التواتر مرجحة لأحد الطرفين، فالوقف فأخبار أبي هريرة ووابصة بن معبد ومعقل ابن سنان موضع اجتهاد؛ لاستواء غفلتهم وضبطهم، وفيه تأمل.

  لنا: أن الراوي متى استوى ضبطه وغفلته لم يحصل الظن بصحة ما رواه لتعادل الأمرين فلا يقبل حديثه.

  القاضي ومن معه قالوا: عدالته وثقته وأمانته تقضي بأنه ما روى شيئاً إلاَّ وقد ضبطه، إذ لو لم يكن كذلك لم يروه؛ لأنه يقع بما رواه إثبات شرع عام، والرواية من غير تيقن الضبط قدح في العدالة والمفروض أنه عدل.