(فصل): [في بيان معنى العدالة، والكبيرة]
  وقالت (البصرية: ما وجب فيه حد) بالكتاب أو السنة، قال الرافعي، وهم إلى ترجيح هذا أمثل، والأول أوفق، (أو نص على كبره) إما بالفحش أو العظم أو الكبر أو الإحباط.
  قالوا: والوعيد لا يقتضي كون ذلك الفعل كبيراً، إذ قد يكون عاماً يصح تناوله الصغيرة كما يصح تناوله الكبيرة.
  وقال (الاسفرائيني ومن وافقه على نفي الصغائر كالخوارج: بل هي كل ذنب) نظراً إلى من عصى ربه ø وشدة عقابه، وهذا فاسد لقوله تعالى: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ٥٣}[القمر: ٥٣]، وغيرها من الآيات.
  وقال (الناصر والبغدادية): بل هي (كل عمد) فليست الصغيرة عندهم إلاَّ ما صدر عن سهوٍ أو نسيانٍ.
  وقال أبو علي: لا بد أن يكون صدوره بتأويل أو ترك استدلال، لا ما أقدم عليه مع العلم بقبحه، فإنَّه كبير.
  قلنا: لا مانع من أن يكون في العمد المعلوم قبحه ما هو صغير، إذ لم يفرق الدليل المجوز للصغائر بين العمد وغيره، ولأنه قد ثبت أن في الأنبياء من فعل ما هو ذنب صغير، فإما أن يقع ذلك منه سهواً فليس بمعصية ولا ذنب، أو عمداً فهو الذي نقول.
  فإن قيل: وقع منه لترك الاستدلال.
  قلنا: فترك الاستدلال كان عمداً أو سهواً، والكلام فيه كذلك، فتسلسل وهو محال.
  (وعد منها الهادي) إلى الحق (وابنه أحمد وغيرهما) من العلماء:
  (الشرك) بالله تعالى والوعيد على ذلك جلي.
  (وقتل النفس عمداً) لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ}[النساء: ٩٣]، بخلاف الخطأ، فليس يقتضيه اتفاقاً.
  (وقذف المحصنة) بالزنا، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٢٣}[النور: ٢٣].
  نعم، قال الحليمي: قذف الصغيرة والمملوكة والحرة المنتهكة من الصغائر، لأن الإيذاء في قذفهن دونه في الحرة الكبيرة المستترة.