الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  وقال ابن عبد السلام: قذف المحصن في خلوة بحيث لا يسمعه إلاَّ الله والحفظة ليس بكبيرة موجبة للحد، لانتفاء المفسدة.
  وعلى قول البصرية: لا يكون قاذف الصغيرة صاحب كبيرة لانتفاء الحد.
  أما قذف الرجل زوجته إذا أتت بولد يعلم أنه ليس منه فمباح، وكذا جرح الزواني والشاهد بالزنا إذا علم.
  (والزنا) - بالزاي - روى الشيخان عن عمر قال: قال رجل يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: «أن تدعوا لله نداً، وهو خلقك» قال: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك»، قال: ثم أي؟ قال: «أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله ø تصديقها: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ٦٩}[الفرقان].
  (والفرار من الزحف) لقوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦}[الأنفال: ١٦]، ولأنه ÷ عده من السبع الموبقات، أي المهلكات في حديث الصحيحين: «اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلاَّ بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
  فإن قلت: هذا يقتضي حصر الكبائر في السبع، ومعلوم خلافه يدل عليه قول ابن عباس: وهي إلى السبعين أقرب، وقول سعيد بن جبير: هي إلى السبعمائة أقرب.
  قلت: هذا محمول على بيان المحتاج إليها وقت ذكره.
  (وأكل مال اليتيم) ظلماً، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}[النساء: ١٠]، وقد عده ÷ من السبع الموبقات في الحديث السابق.
  وظاهر هذا استواء القليل والكثير في استيجاب العقاب. وتردد ابن عبد السلام في تقييده بنصاب السرقة.
  (والربا) - بالباء الموحدة - لآيات وردت فيه، ولأنه من السبع الموبقات.