الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 232 - الجزء 2

  قلنا: لا نسلم أنه انتفى الفسق بل انتفى العلم به، ولا يلزمه من عدم العلم بالشيء عدمه، والمطلوب العلم بانتفائه، ولا يحصل إلاَّ بالخبرة به أو بتزكية خبير به.

  قال عضد الدين: واعلم أن هذا مبني على أن الأصل الفسق أو العدالة، والظاهر أنه الفسق؛ لأن العدالة طارئة، ولأنه أكثر.

  قال سعد الدين: فهو أغلب على الظن، وأرجح، وهو معنى الأصل، لكن في كون العدالة طارئة نظر، بل الأصل أن الصبي إذا بلغ بلغ عدلاً حتى تصدر عنه معصية.

  احتج المنصور بالله على قبول مجهول التابعين: بقوله ÷: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يفشوا الكذب»، فأخذ منه أن في الثلاثة القرون لم يفش الكذب، وإنما فشى من بعد، فلا يفتش عن عدالتهم؛ لأن الصدق غالب أمرهم.

  قلنا: لا نأمن وقوع الكذب إذ لم يقطع على امتناعه في عصر الصحابة والتابعين.

  (فأما مجهول النسب أو الاسم فمقبول على الصحيح) لأن المعتبر العدالة والضبط، وهما ممكنان بدون معرفة الاسم والنسب؛ لأنهما إنما يعرفان باختبار حال الراوي ومعاشرته، وذلك متصور مع الجهل باسمه ونسبه، فلا يصير مجهول العدالة فتقبل روايته.

  وقيل: لا يقبل إذ يصير مجهولاً، والرواية عن المجهول لا تصح.

  والجواب: يؤخذ من الاحتجاج هذا إذا لم يوصف مجهول النسب والاسم، بل قد عرفت عدالته، فإن وصف بالثقة كما يقول الشافعي أخبرني الثقة، وكذا مالك فالوجه قبوله.

  وعليه الجويني إذ يستحيل من واضعه إذا كان من أئمة الحديث أن يصفه بغير ما هو فيه.

  قال الصيرفي والخطيب البغدادي: لا يقبل لجواز أن يكون فيه جارح لم يطلع عليه الواصف.

  وأجيب: بُعد ذلك جداً مع كون الواصف مثل الشافعي أو مالك، وإن قال نحو الشافعي في وصف المجهول أخبرني من لا أتهم، فكذلك يقبل، وخالف فيه الصيرفي وغيره بمثل ما تقدم، فيكون هذا اللفظ توثيقاً.

  وقال الذهببي: ليس توثيقاً وإنما هو نفي الإتهام.

  وأجيب: بأن ذلك إن أوقع من مثل الشافعي محتجاً به على حكم في دين الله تعالى كان المراد به ما يراد بالوصف بالثقة، وإن كان دونه في الرتبة.