(فصل): [في من يقبل منه الجرح والتعديل وحكم تعارضهما]
(فصل): [في مَن يقبل منه الجرح والتعديل وحكم تعارضهما]
  (وإنما يقبلان) أي الجرح والتعديل (من عدل لا يحمله عليهما) أي الجرح والتعديل (هوى) كاختلاف المذاهب فإنَّه قد صار مع بعضهم لبعض من العداوة والبغضاء أمر يوجب عدم قبول الجرح، وفشى التعديل في المتفقين في المذهب، إذا عرف من شاهد الحال أن الحامل له الانتصار لمذهبه أو نحو ذلك، ولا بد أن يكون (فيمن يحتملهما)، فلو روى رجل جرح زين العابدين علي بن الحسين وعدالة الحجاج بن يوسف لطم بروايته وجهه، فمثل قول العجلي في عمر بن سعد لعنه الله أمير قتلة الحسين #: تابعي فقيه، روى عنه الناس، لا يسمع إذ مع كونه أمير قتلة الحسين صار غير محتمل للتعديل.
  (وإذا تعارضا) أي الجرح والتعديل بأن روى أحد شخصين جرح شخص، والآخر عدالته (قدم الجارح على المعدل إن كان عدده) أي الجارح (أكثر) من عدد المعدل (إجماعاً)، أما عندنا فظاهر، وأما عند المخالف في القسمين الآخرين فلحصول الترجيح بالكثرة، (وكذا) يقدم الجارح (إن تساويا) أي عدد الجارح وعدد المعدل (أو كان الجارح أقل) عدداً من المعدل، لأن تقديم الجرح جمع للجرح والتعديل، فإن غاية قول المعدل أنه لم يعلم فسقاً، ولم يظنه فظن عدالته، إذ العلم بالعدم لا يتصور، والجارح بقول أنا علمت فسقه فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذباً، ولو حكمنا بفسقه كانا صادقين فيما أخبرا به، والجمع أولى ما أمكن لأن تكذيب العدل خلاف الظاهر.
  (وقيل) القائل بذلك ابن شعبان من المالكية نص عليه السبكي (يطلب الترجيح) في القسمين كما هو حاصل في الأول بكثرة عدد الجارح وفي شرح الإبانة أن التعديل في الثالث أولى حملاً للمسلمين على السلامة.
  ودفع كلامهم يؤخذ مما سبق، هذا إذا أطلقا.
  (فأما عند إثبات سبب معين) من الجارح (ونفيه) من المعدل بطريق يقيني، مثل أن يقول الجارح هو قتل فلاناً يوم كذا، وقال المعدل هو حي وأنا رأيته بعد ذلك اليوم، ففي هذه الصورة يقع التعارض بينهما لعدم إمكان الجمع المذكور أو لا حينئذ (فالترجيح) يصار إليه (لا غير) ذلك بتقديم الجارح أو المعدل لما سبق، ويكون الترجيح بالأمور التي ترجع إلى السند، وستأتي إن شاء الله تعالى.
  (ويبطلان) أي الجرح والتعديل (بجرح المعدل والجارح) لاشتراط العدالة فيهما، والحال أنها منتفية.