الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  التابعين الذين أكثر حديثهم عن الصحابة، كابن المسيب، وقيس بن أبي حازم، وعبدالله بن عدي بن الخيار، دون صغارهم الذين لم يلقوا إلاَّ الواحد أو الاثنين من الصحابة وأكثر أحاديثهم عن التابعين، فأحاديث هؤلاء منقطعة، حكاه ابن عبد البر عن قومٍ من أهل الحديث، ومثلوا بأبي حازم ويحيى بن سعيد الأنصار والزهري، واعترض بالتمثيل بالزهري؛ لأنه قد لقي ثلاثة عشر من الصحابة وهم مذكورون في تنقيح السيد محمد.
  (و) المرسل (قبله أئمتنا والمعتزلة والحنفية والمالكيَّة مطلقاً) أي على أي حالةٍ وقع، والإمام لم يطلق عن الأئمة، بل حكاه عن بعضهم، ويدفع تعميم المصنف اشتهار إنكار ذلك عن المؤيد.
  (ولذلك) أي ولأجل أن المرسل مقبول عند أئمتنا (اختصر كثير من أئمتنا الأسانيد كزيد) بن علي (والقاسم والهادي) في كتبهم المعروفة (وغيرهم) كالإمام المتوكل أحمد بن سليمان، والأمير شرف الدين الحسين بن بدر الدين (ولم يصنفوا كتباً في) بيان (الجرح والتعديل) كما يفعله علماء الحديث لعدم غنائه عندهم؛ إذ المعتبر صحته عن المؤلف العدل.
  قال السيد محمد بن إبراهيم: المختصرون للكتب المسندة لا يسمون مرسلين عندي كالقاضي زيد، واختصاره أسانيد شرح أبي طالب فإنه لم يقتصر على حذف أحاديث الثقات دون الضعفاء، ولا فرق بين الجزم والتمريض.
  ويوضح ذلك: أنه هو وغيره من أصحابنا يروون حججنا وحجج الخصوم وما يصححون به وما يضعفونه بصفة واحدة، وكذلك ما يرسله من يقبل المجهول كالحنفية والمرادي، قال: وينبغي كثرة انتقاد الحديث من غير علوٍ ولا تقصير فإنهما يمنعان الخير الكبير، وخير الأمور أوسطها، لا تفريطها ولا إفرطاها.
  وقال (الشافعي: يقبل) المرسل (إن كان) الراوي (لا يرسل إلاَّ عن عدل) ليحصل الظن الراجح، (أو عضده غيره كقول صحابي) بمقتضى الحديث، (أو فعله) كذلك، (أو فعل الأكثر) من أهل العلم كذلك، (أو إسناد) لذلك المرسل من غيره، (أو إرسال) من غيره (مع اختلاف شيوخهما، أو قياس) يوافق الحديث، (والمجموع) من المرسل والمنضم إليه العاضد له (هو الحجة لا مجرده) أي المرسل لضعف كل واحدٍ منهما على انفراده، ولا يلزم من ذلك ضعف المجموع؛ لأنه يحصل من اجتماع الضعيفين قوة مفيدة للظن، ومن الشايع ضعيفان يغلبان قوياً.