الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  قال السيد محمد: ولا بد أن يكون المرسل من كبار التَّابعين الذين رأوا أصحاب رسول الله ÷.
  قال ابن أبي شريف: فأمَّا مرسل صغار التابعين فباق على الرد مع العاضد لشدة ضعفه.
  قال صاحب الجمع وشارحه: فإن تجرد المرسل عن العاضد ولا دليل في الباب سواه ومدلوله المنع من شيء، فالأظهر الإنكفاف عن ذلك الشيء لأجله احتياطاً، وقيل: لا يجب الانكفاف؛ لأنه ليس بحجَّة، وهذا على أصل الشافعي، وفائدته عنده أن يستدعي غيره انكشاف صحته فيكونان حديثين، وإذا عارضهما مسند آخر كان أرجح منه.
  وقال (ابن أبان: يقبل مرسل الصحابي والتاَبعي، فأمَّا من بعدهم) فلا يخلوا إمَّا أن يكون من أئمة النقل أو لا:
  (إن كان من أئمة النقل قبل) إرساله (وإلاَّ) يكن منهم (فلا) يقبل إرساله.
  لنا: إجماع الصحابة على قبوله كالمسند، فإن المعلوم من حالهم أنهم كانوا يرجعون إلى المراسيل كما يرجعون إلى المسندة.
  بيان ذلك: أن البراء بن عازب قال: ليس كل ما أحدثكم به سمعته من رسول الله إلاَّ أنا لا نكذب.
  يعني أنه قد يقول: قال رسول الله ÷ كذا من غير أن يسمعه منه، بل روَاه له من وثق به، فلم يذكره.
  وروى أبو هريرة عن النبي ÷: «من أصبح جنباً فلا صوم له» ثُمَّ ذكر أنه أخبره الفضل بن العباس.
  وروي عن ابن عباس عنه ÷ «إنما الربا في النسيئة» فسئل هل من رسول الله ÷، فقال: لا بل رواه لي أسامة ولم ينكر عليه إرساله، فكان إجماعاً على تصويب الإرسال، ولا خفاء أن هذا لا يكون حجة على المحدثين.
  وذكر محمد بن أحمد الطبري أن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المراسيل، ولم يأت عنهم إنكار شيء منها.
  ومن ذلك قول النخعي: اعلم أني إن سمعت الحديث من واحد عن ابن مسعود، قلت: حدثني فلان عن ابن مسعود، وإن سمعت من جماعة قلت: قال ابن مسعود: فنص على أنه كان يرسل.