الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  قلنا: المعتبر كمال العدالة والتحفظ.
  قالوا: المعلوم من حال بعضهم أنه يروي عن غير الثقة.
  قلنا: إذا عرف ذلك من حاله لم يقبل خبره.
  (فَإِنْ أَسْنَد الراوي تارة وأَرْسَل أخرى، ورَفَعَ تارة) إلى النبي ÷ (ووقف أخرى) على الصحابي، (أو وصل تارة) فلم يترك راوياً في البين إلى النبي ÷ أو إلى واحد من الصحابة (وقطع أخرى) فتركه، (فالحكم للإسناد) في الأول، (والرفع) في الثاني، (والوصل) في الثالث، وإنما كان الحكم لهذه الثلاثة؛ لأن عدالته تقتضي قبول إسناده، وليس في إسناده ما يعارض إرساله لجواز أن يكون إنما أرسل الخبر؛ لأنه سمعه تارة مرسلاً وتارة مسنداً، وكذلك ليس في رفعه ما يعارض وقفه لجواز أن يكون سمعه من الصحابي يرويه عنه # ومرة عن نفسه، وكذلك الوصل.
  وقال الرازي وأبو الحسين والحاكم: أمّا إذا أرسله أو وفقه زماناً طويلاً، ثُمَّ أسنده أو وصله بعد ذلك فإنه يبعد أن ينسى ذكر الزمان الطويل إلا أن يكون له كتاب يرجع إليه فيذكر ما نسيه من الزمان الطويل، والحكم لما ذكر هو (على الأصح).
  (وقيل): الحكم (للأكثر من أحواله) فإن كان أكثر أحوال الراوي الإرسال والإسناد منه نادر، فالحكم للإرسال، وكذا الباقي.
  قال السيد محمد بن إبراهيم ما معناه: وعندي أن الحكم في هذا لا يستمر بل يختلف باختلاف قرائن الأحوال وهو موضع الاجتهاد، فإن غلب على الظن وهمُ الثقة في الوصل والرفع بمخالفة الأكثر من الحفاظ الذين سمعوا الحديث معه من شيخه في موقف واحد، ونحو ذلك من القرائن، فإن الوصل والرفع حينئذ مرجوحان والحكم بهما حكم بالمرجوح، وهو خلاف المعقول والمنقول:
  أمَّا المعقول: فظاهر.
  وأمَّا المنقول: فلأن جماعة من الصحابة وقفوا على قبول خبر الواحد عند الريبة كحديث عمر في رد خبر فاطمة بنت قيس ونحو ذلك، بل كفعله ÷ في خبر ذي اليدين، فإنه أنكر ذلك لسكوت الجماعة.