الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  (و) القسم الثالث: (تدليس الشيوخ: وهو أن يسمى من روى عنه بغير اسمه المشهور) أو يكنيه بغير كنيته المشهورة، أو بغير اسم قبيلته أو بلده أو صفته أو نحو ذلك، كي يوعر الطريق إلى معرفة السامع له (كأبي عبد الله الحافظ) أي كأن يقول: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، والحال أنك (تعني الذهبي تشبهاً بالحاكم) صاحب المستدرك؛ لأن هذه الكنية له مشهورة.
  قال زين الدين: ويختلف في ذكر هذا القسم باختلاف المقصد الحامل على ذلك، فَسرّ ذلك أن يكون الحامل على ذلك كون المروي عنه ضعيفاً فيدلسه حتَّى لا تظهر روايته عن الضعفاء.
  قال السيد محمد: إذا كان يعتقد أن ضعف من دلسه ضعف يسير محتمل وعرفه بالصدق والأمانة، واعتقد وجوب العمل بخبره لماله من التوابع أو الشواهد وخاف من إظهار الرواية عنه وقوع فِتنَةٍ من غَال مقبول ينهى عن حديث هذا المدَّلس، ويترتب على ذلك سقوط جملة من السنن النبوية، فله أن يفعل مثل هذا ولا حرج عليه، وقد دلس عن الضعفاء إمام أهل الرواية والدراية ومن لا يتهم في نصيحة الأمة سفيان بن سعيد الثوري، فمن مثل سفيان في منقبة واحدة من مناقبه، أو من يبلغ من الرواة أدنى مراتبه، ولا خفاء أن هذا القسم ليس فيه نوع من الإرسال لذكر كل السند.
  (و) القاسم الرابع: وهو شر أقسام التدليس (تدليس التسوية: وهو أن يروي الحديث عن ثقة، والثقة عن ضعيف عن ثقة، فيسقط الضعيف فيسوي الإسناد كله ثقات) ولهذا سمي تدليس التسوية، وإنما كان شرها؛ لأن شيخه وهو الثقة الأول قد لا يكون معروفاً بالتدليس، فلا يحترز الواقف على السند من عنعنة وأمثالها من الألفاظ المحتملة التي لا تقبل مثلها من المدلس، فكان هذا القسم جديراً بعدم القبول، وممن نقل عنه أنه كان يفعل ذلك: بقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، والأعمش، والثوري.
  (الثالث) من شروط الخبر الآحادي الراجعة إلى الخبر نفسه: (الرواية) لذلك الخبر (بلفظه ÷ عند ابن عمر) من الصحابة، (وابن سيرين) من التابعين، (و) أحمد بن يحيى (ثعلب) من النحاة، (وبعض المحدثين، والظاهرية).
  (وعند أئمتنا والجمهور) من العلماء: (تجوز) الرواية (بالمعنى) من عدل عارف بمعاني الألفاظ ومواقع الكلام بأن يأتي بلفظ بدل آخر مساوٍ له في المراد منه وفهمه (مطلقاً) سواء كان بلفظ مرادفٍ أو غير مرادف، بنفس اللفظ أو لا، كان له معنيان أو لا.