(فصل): [في حكم إنكار الأصل لرواية الفرع عنه]
  قالوا: تجويز ذلك يؤدي إلى الإخلال بمقصود الحديث، فإنا نقطع باختلاف العلماء في معاني الألفاظ وتفاوتهم في تنبه بعضهم على ما لا يتنبه له الآخر، فإذا قدر النقل بالمعنى مرتين أو ثلاثاً ووقع في كل مرة أدنى تغير حصل بالتكرر كثير واختل المقصود بالكلية.
  الخطيب: إذا كانت الألفاظ مترادفة ومعناها متحد فإن الغلط لا يدخله، بخلاف ما إذا لم تكن مترادفة، فإنه قد لا يوفي المقصود.
  الماوردي قال: في العدول إلى غير لفظه ÷ مع عدم النسيان له تهاون بلفظه وتبديل لغير غرض، فيقبح إلاَّ مع النسيان؛ إذ لا يحصل المقصود من تأديته المعنَى إلا بذلك.
  بعض الحنفيَّة: إذا كان المعنى متحداً لم يتطرق إلى نقله بالمعنى بالإخلال بالمقصود بخلاف ما إذا كان متعدداً.
  صاحب الكافي: ولا يمتنع أن تتعلق المصلحة باللفظ الذي ذكره صلى الله عليه سواء كان ظاهراً أو خفياً.
  قلنا: ليس شيء مما ذكرتم يقاوم واحداً مما ذكرنا، كيف ونحن نعلم أن المقصود في التخاطب إنما هو المعنى ولا عبرة في اللفظ، ولم يثبت تعبد به، فلا تهاون ولا قبح.
  وأن فرض تغير ما في كل مرة مما لا يتصور في محل النزاع، فإن الكلام فيمن نقل المعنى سواء من غير تغيير أصلاً، وإلا لم يجز وفاقاً.
  وأن اللفظ إذا كان أظهر أو أخفى فإنه مما لا تكليف علينا فيه ولا تجويز مصلح أو مفسدة؛ إذ لا دليل يدل على مراعاة ذلك عقلاً وشرعاً.
  قال المنصور بالله ما معناه: والقول بأن المصلحة لا يمتنع تعلقها بالظاهر والغامض لا يلزم؛ لأنا نقول: لو علم ذلك الله لتعبدنا بتلاوة لفظ الخبر كالقرآن ولفظ الأذان والتشهد، فانحلت شبهة الخصوم فاندفعت أقوالهم.
(فصل): [في حكم إنكار الأصل لرواية الفرع عنه]
  (و) اختلف في إنكار الأصل لرواية الفرع هل هي قدح أو لا؟
  وإذا عرفت ذلك فاعلم أن (المختار وفاقاً للجمهور) من العلماء (أن إنكار الأصل لرواية الفرع لا يقدح في قبولها مطلقاً) سواء أنكرها ولم يدع العلم لعدمها أو لا، وذلك كما رواه ابن جريج، عن