الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  (وإن خالفها) أي الأدلة القطعية (رد) وقطع بكذبه (إلا أن يمكن تأويله) بتأويل قريب، فلا يرد، وقيل: بل يتأول ولو بتعسف إيثاراً لحمل الراوي على السلامة؛ لأنه والحال هذه لا يثمر الظن، وجواز العمل به مشروط بالظن، فينتفي شرط وجوب العمل به فلا يعمل به؛ إذ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه وذلك واضح.
  (وإن ورد) الخبر الآحادي (في العمليات) التي لا يتعلق بها علم، فلا يخلو إما أن تعم به البلوى أو لا:
  (فإن لم تعم به البلوى قبل كالآحاد) لأنه لم تعم به البلوى، وإنما قبل للأدلة على وجوب العمل، (وإن عمت) به البلوى عملاً (كمس الذكر) في خبر بسرة بنت صفوان ^ أن رسول الله ÷ قال: «من مس ذكره فليتوضأ» أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وأحمد وابن ماجة وصححه الترمذي وابن حبان، وقال البخاري وهو أصح شيء في هذا الباب، (والجهر بالبسملة) عند قراءة الفاتحة في الجهرية وأحاديث الجهر بها كثيرة، وقد سبق شيء منها، ولا يبعد تواترها، بل هي متواترة عند من قال السبع متواترة؛ إذ آياتها في السبع، (فكذلك) أي قبل (عند أئمتنا والجمهور) من العلماء (خلافاً لبعض الحنفية) منهم عيسى بن أبان وأبو الحسن الكرخي، فزعموا أنه لا يقبل.
  لنا: قبول الأمة له في تفاصيل الصلاة ووجوب الغسل من التقاء الختانين مما تعم به البلوى.
  وأيضاً: قبوله في نحو الفصد والحجامَة والقهقهة في الصلاة، فالحنفية أوجبوا بها الوضوء وهو منها فحجوا به.
  وأيضاً: قبل القياس في نحوه مع أنه أضعف من خبر الواحد، فخبر الواحد أولى بالقبول.
  وأيضاً: لم يفصل دليل وجوب العمل بخبر الواحد في العمليات بين ما تعم به البلوى وما لا تعم.
  قالوا: العادة تقضي في مثله بالتواتر لتوفر الدَّواعي إلى نقله وإن لم يتواتر علم كذبه.
  قلنا: لا نسلم قضاء العادة بتواتره لما تقدم من الصور.
  فإن قيل: لو صح لوجب عليه أن يلقيه إلى عدد التواتر؛ لئلا يؤدي إلى بطلان صلاة أكثر الناس كالبيع والنكاح والطلاق والعتق.