(فصل): [حكم الخبر الآحادي المخالف للأدلة السمعية]
  قلنا: لا نسلم الوجوب للتواتر وإبطال الصلاة يكون فيمن بلغه خاصة، وأمَّا النسخ وأخواته فاتفق فيه التواتر وإن لم يجب، أو كان مكلفاً بإشاعته خاصة دون غيره، وليس ذلك من العادة في شيء.
  فإن قلت: إذا كان ذلك رأي أئمتنا فما بالهم لا يتوضئون من مس الذكر؟.
  قلت: لأنه عارضه حديث ضرار عن علي، قال: قال رجل: مسست ذكري أو قال الرجل: لمس ذكره عليه وضوء، فقال النبي صلى الله عليه: «لا إنما هو بضعة منك» أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان.
  قال ابن المديني: وهو أحسن من حديث بسرة، وعنده روايات أخر عن علي #، وأيضاً فأجمعت الآل على أن مسه لا ينقض الوضوء.
  واعلم أنه قد نقل الرازي أن المخالف إنما منع من قبوله في أصل إثبات ما تعم به البلوى، فأمَّا حكمه ككون الصلاة واجبة أو مندوبة أو تفضيله كأبعاض الطهارة والصلاة وما ينقض الوضوء وما لا ينقضه، فإنه يقبل فيه خبر الواحد.
(فصل): [حكم الخبر الآحادي المخالف للأدلة السمعية]
  قد ذكر حكم الخبر الآحادي إذا ورد بخلاف الأدلة العقلية من أنه لا يقبل، وإذا وافقها فإنه يقبل، وأما إذا ورد بخلاف الأدلة السمعية فقد ذكر حكمه بقوله:
  (وإذا ورد) الآحادي (بخلاف الأصول المقررة) ومعنى كونها أصولاً ظاهر.
  ومعنى كونها مقررة: أنها لم تنسخ.
  قال (الحفيد: وهي الكتاب والسنة والإجماع المعلومَة) فيدخل في ذلك المتلقى بالقبول على ما اختير (فإن أمكن حمله) أي الآحادي (على تخصيصها) كخبر فاطمة بنت قيس (قُبِل) ذلك الخبر المخصص؛ إذ لا رفع به للقاطع، بل بيان أنه أريد به كذا (إن كان) ما يدل على الأصول (عملياً اتفاقاً) بين الأمة لما فيه من الجمع بين الدليلين وعدم تكذيب الراوي، وقد يمنع دعوى القبول اتفاقاً؛ إذ النزاع في تخصيص القطعي بالظني شايع وإنكار ذلك واقعٌ، فمن لا يجيز ذلك يضرب بالخبر وجه راويه.
  وليت شعري كيف غفل المصنف عن هذا وهو من حذاق العلماء.