الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في أقسام اللفظ]

صفحة 93 - الجزء 1

  يقال: فإن الشركة فيه ممتنعة بالدليل الخارجي، لكن تصوره لا يمنع منه صدقه على كثيرين، فإن مجرد تصوره لو كان مانعاً من الشركة، لم يفتقر في إثبات الوجدانية إلى دليل، وكالكليات الفرضية مثل اللاشيء، فإنه يمتنع أن تصدق على شيء من الأشياء، لكن لا بالنظر إلى مجرد تصوره، ومن هاهنا تعلم أن أفراد الكلي لا يجب أن يكون صادقاً عليها، بل من أفراده ما يمنع أن يصدق عليه إذا لم يمنع تصوره صدقه عليه، فلو لم يعتبر التصور في تعريف الكلي والجزئي، لدخلت تلك الكليات في تعريف الجزئي فلا يكون مانعاً، وخرجت عن تعريف الكلي فلا يكون جامعاً.

  وتسمية اللفظ جزئياً وكلياً تسمية للدال باسم المدلول، لأن الكلية والجزئية إنما تعتبران بالذات في المعاني، وأما الألفاظ فقد تسمى جزئية وكلية بالتبع، والجزئي منسوب إلى الجزء، وهو الكلي الذي هو جزء لهذا الجزئي، إذ كل جزئي يشتمل على كلية مع زيادة، كزيد فإنه يشتمل على الإنسانية مع زيادة الشخص، والكلي منسوب إلى الكل الذي هو الجزئي، إذ الجزئي يشتمل على الكلي وغيره، فالكلي جزء منه، أي من الجزئي الذي هو أعم من هذا.

  قال الأسنوي: وتسمية الاسم بالكلي والجزئي مجاز، فإن الكلية والجزئية من صفات المسمى]⁣(⁣١).

  (ثُمَّ هُوَ) أي الكلي ينقسم إلى قسمين:

  الأول: (ذاتي) وهو الجنس والفصل والنوع.

  (و) الثاني: (عرضي) وهو الخاصة والعرض العام، (كحيوان) بالنسبة إلى الإنسان فإنه جنس له، وناطق فإنَّه فصل له، وإنسان بالنسبة إلى أفراده من زيد وعمرو، فإنه نوع لها، (و) مثل (متنفس) بالنسبة إلى الحيوان فإنه خاصة له، وبالنسبة إلى الإنسان فإنه عرض عام.

  (والثاني) وهو المتعدد لفظه ومدلوله: (المتباين)، سواء تفاضلت ألفاظه، أي تباينت بالذوات، مثل إنسان وفرس، أو تواصلت مثل سيف وصارم، والتواصل هو بأن يكون بعضها للذوات وبعضها للصفة، فالسيف للذات المعروفة سواء كانت كآلة أو لا، والصارم للصفة وهي القطع، وإمَّا أن يكون أحدهما صفة والآخر صفة للصفة كالناطق والفصيح، فإنَّ الناطق صفة الإنسان مع أن الناطق قد يكون فصيحاً، وقد لا يكون كذلك، فالفصيح صفة للناطق، وإذا قلت: زيد متكلم فصيح، فقد


(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة الأصلية والنسخة (أ)، باختلاف يسير، وضرب عليه في أعلاه بأنه نسخة، وفي أسفله بأنه صح أصلاً.