(فصل): [حكم الخبر الآحادي المخالف للأدلة السمعية]
  ولمخالفة الثاني) وهو خبر المصراة (ما أجمع عليه من ضمان التالف بمثله إن كان مثلياً وقيمته إن كان قيمياً) ذهباً أو فضة، فالخبران مخالفان لنفس ما أجمع عليه لاقتضاء الأوَّل طرو الرق على الحرية، والثاني ضمان المثلي أو القيمي بالصاع.
  (و) ذهب الكرخي وأبو عبد الله أيضاً إلى (أن خبر نبيذ التمر) وهو ما روي أن النبي ÷ ليلة الجنّ سأل ابن مسعود وقال له: ما في أدواتك أو ركوتك؟ قال: نبيذ ما، فقال ÷: «تمرة طيبة وماء طهور» وتوضأ منه، أخرجه الأمير الحسين مرسلاً وضعفه، والإمام أحمد بن سليمان كذلك وضعفه، وبين الأمير أن في سنده مجهولاً، وأنَّه راويه نباد، وأخرجه الترمذي وأنكره، وقال: فيه خلاف بين العلماء، وأخرجه أبو داود ولم يذكر فتوضأ منه.
  (و) خبر (القهقهة) في الصلاة وهو ما روي أنه ÷ كان يصلي بطائفة من أصحابه، وكان هناك بئر مغطاة بحصير، فأتى رجل أعمى فوقع في البئر فقهقه بعض من كان يصلي، فلمَّا تمت الصلاة أمرهم ÷ بإعادة الوضوء، أخرجه البيهقي في الخلافيات، واستوفى الكلام عليه، وجمع أبو يعلى الخليلي طرقه في جزء، ومدار حديثه على أبي العالية، وقد اضطرب عليه فيه.
  وقال الدواري: وكان ضحكهم عن عمد.
  قال: فكل واحد من هذين الخبرين (ممّا يخالف مقتضى الأصول، فيُقبلان لمخالفتهما حكم نظيرهما المجمع عليه، وهو نبيذ الزبيب) فإن حكمه عدم جواز التوضؤ به؛ لخروجه عن صفة الماء، فكان القياس يقتضي أن نبيذ التمر مثله؛ لاشتراكهما في العلة، فخبر النبيذ مخالف للقياس لا للأصول؛ إذ لم يجمع على أنه لا يجزيء الوضوء بنبيذ التمر، (وأن ما لا ينقض) الوضوء (خارج الصلاة) من الكلام، فإنه (لا ينقض) الوضوء (داخلها)، والقهقهة من جنس الكلام، إذ هي أصوات، والإجماع منعقد على أن الكلام في الصلاة لا يوجب نقض الوضوء ولو وقع عمداً، فالخبر المقتضي لإيجاب الوضوء على المقهقه في الصلاة عمداً مخالف لنظيره المجمع عليه وهو الكلام في الصلاة، فخبرها مخالف للقياس لا للأصول.
  (وعن الشافعي: أنها معاً) أي خبر القرعة والمصراة ونبيذ التمر والقهقهة (مما خالف مقتضى الأصول فتقبل) كلها:
  أمَّا خبر نبيذ التمر والقهقهة: فلما ذكره أبو عبد الله والكرخي.