(فصل): [في الخبر المخالف للقياس]
  وقال: (بعض علمائنا و) بعض (الأصوليين محل اجتهاد) يقضي فيه المجتهد بما يراه من قوة الأمارة وضعفها.
  وقال (أبو الحسين) ما معناه: القياس المخالف للخبر يستدعي أموراً ثلاثة:
  أحدها: ثبوت حكم الأصل.
  وثانيها: كونه معللاً بالعلة الفلانية.
  وثالثها: حصول تلك العلة في الفرع.
  ثُمَّ لا تخلوا هذه الثلاثة إمَّا أن تكون قطعية أو ظنية أو بعضها قطعية وبعضها ظنية:
  (إن كان أصل القياس وعلته ووجودها في الفرع معلومة فهو) أي القياس (الأولى) وهذا مما لا ينبغي أن يخالف فيه؛ لأن هذا القياس يقتضي القطع وخبر الواحد يقتضي الظن، ومقتضى القطع مقدم على مقتضى الظن.
  قال (وإن كانت الثلاثة مظنونة فالخبر أولى، وإن كان بعضها معلوماً وبعضها مظنوناً فمحل اجتهاد) فإن كانت أمارة القياس أقوى من عدالة الراوي وجب المصير إليها وإلا فالعكس، وهذا يحتمل أقساماً، لكنا نعين منها صورة واحدة: وهي أن يكون دليل ثبوت الحكم في الأصل قطعياً، إلاَّ أن كونه معللاً بالعلة المعينة، ووجود تلك العلة في الفرع ظنياً.
  وقال (ابن الحاجب): (إن عرفت العلة فنص راجح على الخبر) في الدلالة (ووجدت قطعاً في الفرع، فالقياس أولى) من الخبر، (لا) إذا كان وجودها في الفرع ظنياً (فالوقف) في أيهما الراجح، (وإلاَّ) أي وإن لم تثبت العلة إلا بنص راجح (فالخبر) مقدم.
  (وتوقف الباقلاني) فلم يجزم بأي الأقوال.
  لنا: عمل الصحابة بالخبر دونه، فإن عمر ترك القياس للخبر في مسألة الجنين أنه ÷ قضى بالغرة فيه، قال: لو لا هذا لقضينا فيه برأينا، ولولا لانتفاء الشيء لثبوت غيره فدل على أنه انتفى العمل بالقياس لثبوت الخبر.
  وكذا في دية الأصابع حيث رأى أنها تتفاوت باعتبار منافعها، فتركه بخبر الواحد؛ لأنه قال ÷: «في كل أصبع عشر».