الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  وفي ميراث المرأة من دية زوجها وكان يرى أن الدية للورثة ولم يملكها الزوج فلا تورث الزوجة منها، فلمَّا أخبر بأنه ÷ أمر بتوريثها منها رجع إليه.
  وكذا نقض أبو بكر حكماً حكم فيه لحديث سمعه من بلال.
  إلى غير هذا من الصور التي تشهد بها كتب السير، وشاع وذاع ولم ينكره أحد، فكان إجماعاً.
  فإن قيل: هذا معارض بمخالفة ابن عباس خبر أبي هريرة بالوضوء مما مست النار بالقياس، فقال: ألا نتوضأ بالحميم فكيف نتوضأ بما عنه نتوضأ.
  وكذلك هو وعائشة خالفا خبره وهو «إذا استيقظ أحدكم فلا يغمس يده في الإناء فإنه لا يدري أين باتت يده» بالقياس، فقالا: كيف نصنع بالمهراس؟ أي إذا كان فيه ولم يدخل فيه اليد فكيف يتوضأ منه، والمهراس حجر عظيم منقور يصبون الماء فيه للوضوء.
  قلنا: لم يخالفاه بالقياس، بل لاستبعادهما له بظهور خلافه كما تقدم.
  ولنا أيضاً: حديث معاذ(١) فإنه أخر فيه القياس عن الخبر وأقره ÷ على ذلك، فكان الخبر مقدماً المقدم للقياس.
(١) حديث معاذ هذا أخرجه: أحمد وأبو داود والترمذي وابن عدي والطبراني من حديث الحارث بن عمرو، قال في الكاشف: هو الحارث بن عمرو، ابن أخي المغيرة بن شعية، عن إياس بن حمص، عن معاذ، وعنه: أبو عوانة الثقفي في الإجتهاد، قال البخاري: لا يصح، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده بمتصل، وكذا قال البخاري: لا يعرف إلا بهذا، وقال الدار قطني في العلل: رواه شعبة عن أبي عون هكذا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح، قال أبو داود: أكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ أن رسول الله ÷، وقال مرة عن معاذ، وقال ابن حزم: لا يصح لأن الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون، قال: وادعى بعضهم في التواتر، وهذا كذب بل هو ضد التواتر، لأنه ما رواه أحد غير أبي عون، عن الحارث، فكيف يكون متواتراً، وقال عبد الحق: لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح، وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية: لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم، ويعتمدون عليه في كتبهم، وإن كان معناه صحيحاً، وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في تضعيف هذا الحديث: اعلم أنني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل، فلم أجد له غير طريقين: إحداهما عن شعبة، والآخرى عن محمد بن المنكدر، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن رجل من ثقيف، عن معاذ، وكلاهما لا يصح، قال: وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتابه أصول الفقه: والعمدة في هذا الكتاب على حديث معاذ، قال: وهذه زلة منه، ولو كان عالماً =