الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في كيفية الرواية وبيان الصحابي]

صفحة 274 - الجزء 2

  وقال (ابن زيد): الصحابي من طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه متبعاً له (مع الرواية) عنه، ولو حديثاً واحداً.

  (وقيل): يشترط مع هذه الثلاثة أن يستمر على ذلك (ولم يخالفه بعد موته) كطلحة والزبير وعائشة ومعاوية.

  وقال (المحدثون) كأحمد والبخاري وغيرهم (وبعض الفقهاء): الصحابي (من اجتمع به) ÷ حال كونِه (مؤمناً) به # وآله، وقد خرج بهذا من اجتمع به كافراً، (وإن لم تَطُل) بضم الطاء (مجالسته) للنبي # وآله (ولم يَروِ) عنه شيئاً من الحديث.

  وقال (ابن المسيب: من أقام معه سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين).

  لنا: أنه لا يسبق إلى الفهم عند إطلاق الصحابي إلا الملازم، فلو كان لغير الملازم حقيقة لما سبق إلى الفهم ذلك؛ إذ هو خاص والعام لا يفهم منه الخاص بعينه، وأيضاً لولا أن الصحابي يدل على الملازمة لما صح نفيه عن الوافد على رسول الله ÷ والرائي له؛ إذ الأصل طرد الحقيقة وصحة النفي علامَة المجاز، لكنه يصح أن يقال: لم يكن صحابياً لكنه وفد عليه أو رآه وَلم يصاحبه؛ ولأن الصحبة إنما هي مأخوذة من اللغة وهي إنما تفيد الاتباع سواء روى أو كان متبعاً له بعد وفاته أو لا؛ ولأن التحديد بالسنة والسنتين والغزوة والغزوتين تحكم صرف.

  احتج المشترطون للرواية: بأن الرواية المقصود الأعظم من صحبة النبي ÷ لتبليغ الأحكام.

  قلنا: لا نسلم، بل المقصود الأعظم اتباع الحق والدخول في سلك المؤمنين.

  احتج المشترطون لبقائه على الإتباع بعد الوفاة: بأن هذا الاسم يفيد التعظيم؛ ولا يستحق التعظيم إلا الذين لم يغيروا بعده.

  قلنا: اللغة قاضية بخلاف هذا، وأيضاً فهو يخرج الصحابي الذي مات قبل النبي ÷، وأيضاً قال ÷ «يؤتى بأقوامٍ يوم القيامة فيذهب بهم ذات الشمال، فأقول أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» فسماهم أصحاباً مع ذلك.