الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  احتج المحدثون ومن وافقهم: بأن الصحبة فعل يقبل القليل والكثير، يقال: صحبة كثيراً أو قليلاً من غير تكرار ولا نقض، فوجب جعله للقدر المشترك بينهما دفعاً للمجاز والاشتراك، وأيضاً لو حلف لا صحبت فلاناً فصحبه لحظة حنث بالاتفاق، ولو شرط فيه ذلك لما كان كذلك.
  قلنا: إنما يتأتى في الصاحب لغة، وأمَّا الصحابي - بياء النسبة - المخصوص في العرف بأصحاب النبي ÷ فلا وجه لذلك، على أن اللاقي اللحظة واللحظتين ليس بصاحب لغةً ولا شرعاً ولا عرفاً، فإن الصاحب هو من كثرت ملازمته للغير بحيث يريد نزول الخير به ورفع الشر عنه، وهي وإن قيدت بالقلة فليس المراد بها نحو اللحظة، بل ما يفيد الملازمة لا في أكثر الأوقات، فإنه يكون الشيء قليلاً بالنظر إلى غيره وإن كان بالنظر إلى نفسه غير بالغ قصارى القلة.
  احتج ابن المسيب: بأن لصحبة النبي ÷ شرفاً عظيماً، فلا تنال إلا باجتماع طويل يظهر فيه الخلق الذي ذلك الشخص عليه كالغزو المشتمل على السفر الذي هو قطعة من العذاب، والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي يختلف فيها المزاج.
  قلنا: الجواب مع ما يؤخذ مما سبق أنه يخالف ما عليه أهل اللغة؛ ولأنه يؤدي إلى امتحانه بغزوات كثيرة وسنوات متعددة إذا كان العلة ما ذكر.
  واعلم: أنه إنما قيد بالاتباع لشرعه؛ لأنها صحبة مخصوصة أو بناء على الأغلب، فإن من صحب غيره اتبعه فيما يجب.
  (والخلاف) في اسم الصحابي (معنوي في الأصح) وقال ابن الحاجب هو لفظي وإن انتهى عليها الكلام في عدالة الصحابة.
  (و) إذا عرفت أنه معنوي فحينئذٍ (ثمرته معرفة فضل الصحابي) على غيره من سائر القرون الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه بقوله «لو أنفق أحدكم» الخبر.
  (وغلبة الظن بصدقة) فيما روي؛ لأن قوله أغلب على الظن من قول غيره.
  (وانقراض العصر) عند من اشترطه في الإجماع، فيما إذا أجمعت الصحابة على حكم، فلا يقر ويكون حجة إلا بعد موتهم ولا يعرف ذلك إلاَّ بمعرفة الصحابي.
  (ومعرفة التاريخ) هكذا قاله صاحب الجوهرة، قال الدواري: يعني إذا أخبرنا صحابي بشيء ثُمَّ روي ذلك أو خلافه عن تابعي أو تابع تابعي فإنا نعلم أن رواية الصحابي لمن روى له سابقة